وذكر أبو القاسم الزجاجي باسناده عن عمر بن الضحّاك ، قال : كان يزيد بن معاوية ينادم (قرداً) ، فأخذه يوماً وحمله على إتان وحشي وشد عليها رباطاً ، وأرسل الخيل في أثرها حتّى حسرتها الخيل فماتت الأتان ، فقال يزيد :
تمسك أبا قيس بفضل عنانها |
|
فليس علينا أن هلكت ضمان |
كما فعل الشيخ الذي سبقت به |
|
زياداً أمير المؤمنين إتان (١) |
وما ذكره ابن الأثير عن أبي يعلى حمزة بن محمّد بن أحمد بن جعفر بن محمّد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) ، أنه قال : أنا لا اكفّر يزيد ؛ لقول النبي (ص) : «سألت الله تعالى أن لا يسلط على بنيَّ من غيرهم ، فأعطاني ذلك» (٢). لا يتابع عليه ؛ لأن شرف أبي يعلى وجلالته وثقته ، تبعد صدور هذه الكلمة الجافّة عنه ، وإن سبقه إليها الرافعي في التدوين في علماء قزوين (٣). وعلى فرض صدورها منه ، فمن المقطوع به صدورها منه تقية. وقد بالغ الميرزا عبد الله افندي تلميذ المجلسي في إنكارها (٤) ؛ لأن كل من ترجم له من علماء الرجال مدحه واطراه بالجميل ، ولم يذكر ذلك عنه ، ولو كان لصدورها عنه عين أو أثر لمقتوه من أجلها. وقد ترحّم عليه الشيخ الصدوق في كتبه وترضّى عنه ؛ لأنه من مشائخه. وفي عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) ، حدّثه بقم سنة (٣٣٩) هـ عمّا كتبه إليه علي بن إبراهيم بن هاشم سنة (٣٠٩) هـ ، عن ياسر الخادم عن الرضا (ع) .... الخ حتّى أن الخطيب البغدادي مع تعصبه ترجم له ، ولم يذكر عنه هذه الكلمة النابية (٥) ، فهذه الكلمة من زيادات الرافعي وابن الأثير ، الغير المقرونة بأصل وثيق.
وبعد مقت أعلام الاُمّة ليزيد ، نحاسب عبد المغيث بن زهير بن علوي الحربي عن الاُصول الصحيحة التي استقى منها كتابه ، الذي صنّفه في فضائل يزيد (٦)! وأي مأثرة صحيحة وجدها له حتّى سجّلها في كتابه؟! وهل حياته كلّها إلا مخازٍ وتهجمات على قدس الشريعة؟ ؛ لذلك لم يعبأ العلماء بهذا الكتاب. فيقول :
__________________
(١) أمالي الزجاج ص ٤٥ ط المكتبة المحمودية ـ مصر.
(٢) الكامل في التاريخ ٤ ص ٥١ (حوادث سنة ٦٤ ـ).
(٣) التدوين في علماء قزوين ٢ ص ١٨٤ تصوير في مكتبة السيد الحكيم.
(٤) رياض العلماء (بترجمته) ، مخطوط في مكتبة السيد الحكيم.
(٥) تاريخ بغداد ٨ ص ١٨٤.
(٦) طبقات الحنابلة ١ ص ٣٥٦.