ويحدّث ابن وكيدة أنّه سمع الرأس يقرأ سورة الكهف ، فشكّ في أنّه صوته أو غيره فترك (عليه السّلام) القراءة والتفت إليه يخاطبه : «يابن وكيدة أما علمت أنّا معشر الأئمّة أحياء عند ربهم يرزقون؟».
فعزم على أنْ يسرق الرأس ويدفنه. وإذا الخطاب من الرأس الأزهر : «يابن وكيدة ، ليس إلى ذلك من سبيل ، إنّ سفكهم دمي أعظم عند الله من تسييري على الرمح ، فذرهم فسوف يعلمون إذ الأغلال في أعناقهم والسّلاسل يسحبون» (١).
قال المنهال بن عمرو : رأيت رأس الحسين (ع) بدمشق على رمح وأمامه رجل يقرأ سورة الكهف حتّى إذا بلغ إلى قوله تعالى : (أَمْ حَسِبْتَ أَنّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً)
نطق الرأس بلسان فصيح : «أعجب من أصحاب الكهف ، قتلي وحَملي» (٢).
ولمّا أمر يزيد بقتل رسول ملك الروم حيث أنكر عليه فعلته نطق الرأس بصوت رفيع : «لا حول ولا قوّة إلاّ بالله» (٣).
أروحك ام روح النبوّة تصعد |
|
من الأرض للفردوس والحور سجَّد |
ورأسك أم رأس الرسول على القنا |
|
بآيه أهل الكهف راح يردّد |
وصدرك أم مستودع العلم والحجى |
|
لتحطيمه جيش من الجهل يعمد |
واُمّك أم اُمّ الكتاب تنهَّدت |
|
فذاب نشيجاً قلبها المتنهّد |
وشاطرت الأرضُ السّماءَ بشجوها |
|
فواحدة تنعى واُخرى تعدّد |
وقد نصب الوحي العزاء ببيته |
|
عليك حداداً والمعزّى محمَّد |
يلوح له الثقلان ثقل ممزّق |
|
بسهم وثقل بالسّيوف مقدَّد |
فعترته بالسّيف والسّهم بعضها |
|
شهيد وبعض بالفلاة مشرَّد |
وأيّ شهيد أصلت الشمس جسمه |
|
ومشهدها من أصله متولَّد |
وأيّ ذبيح داست الخيل صدره |
|
وفرسانها من ذكره تتجمَّد |
__________________
(١) شرح قصيدة أبي فراس ص ١٤٨.
(٢) الخصائص للسيوطي ٢ ص ١٢٧.
(٣) مقتل العوالم ص ١٥١.