لكوامن النفوس ودفائن
الخواطر. وقلوب الشيعة تلتاع بالأسى ، وتعتلج فيها الخواطر الكئيبة المشحونة
بالصور المفزعة ، والقلوب تحتدم غيظاً على كلِّ مَن أتى بتلك الفعلة النكراء. وجاء
أرباب التاريخ فسجّلوا كلَّ ما سمعوا ، ودوّنوا كلَّ ما وصل إلى سمعهم ، فدخلت في
الفاجعة أشياء وأشياء يأباها الذوق ، ولا تنسجم مع ما رواه الائمة (عليهم السّلام)
، ولا يأتلف مع الحقيقة. هذا من جانبنا ؛ حيث أضفنا الكثير الكثير إلى أحداث
كربلاء وما تبعها من أحداث. وأمّا من جانب أعداء آل البيت (عليهم السّلام) ، فقد
عمدت أقلامهم إلى التحريف والتمويه ، وإزواء الحقائق ، وعلى هذه مرّت الفاجعة ، وقطعت
العصور والأزمان وهي إلى القيامة باقية ، ولكن لا بدّ من إزاحة الستار عمّا خفي
واستتر ، ولا بد من رواية الصحيح من الأخبار ، ونسف كلّ ما لا يتّفق مع أساس نهضة
سيّد الشهداء (عليه السّلام) في صراعه الدّامي ؛ للاطاحة بمَن أمات السنة وأحيا
البدعة. ألا يدفعك الاستغراب إلى أن نأخذ الرواية عن حميد بن مسلم ، الذي يبدو
رقيق القلب في ميدان المعركة ، وهو ممن رافق حمل رأس أبي عبد الله (عليه السّلام)
، حيث يُهدى إلى الكوفة والشام ، وندع أخبار كربلاء ولا نأحذها من أهلها ، وممّن
صبت عليهم بلاياها؟!.
ثم مَن هو أبو الفرج الاصفهاني؟ إنه
اُموي في النزعة والنسب ، والمعتمد في أخباره على زبيريين واُموييّن مناوئين لآل
البيت (عليهم السّلام). وكذلك الطبري في كتابه المشهور بـ (تاريخ الاُمم والملوك)
، فكل روايته عن (السدّي ومجاهد) وغيرهما ، وأهل العلم يعرفون السدّي مَن هو؟ ولكن
أخبار كربلاء جاءت عنه ؛ لهذا كلّه انبرى المرحوم (المترجَم له) في تحرير كتابه (مقتل
الحسين).
حفل كتاب المقتل بالإشارة إلى كثير من
المنقولات التي لا تنهض على أساس ، وبالمقارنة والفحص أبطلها بعد أن راحت تنقلها
الأفواه أزماناً وازمانا.
واحتوى المقتل أيضاً في هوامشه على بحوث
فقهية ولغوية وأدبية ، وتحقيقات عديدة لكثير من ألفاظ روايات تتضارب على ألسنة
رواتها ، ويجد القارئ فيضاً من المصادر التي يستند اليها (المترجَم له) في
تحقيقاته ودراساته لرواية كربلاء.
شخصيات عديدة في رواية كربلاء ؛ رجال
ونساء وصبية فيها التباس