إلّا إن شيخنا الشهيد الثاني في (تمهيد القواعد) صرّح في مثل ذلك بالطهارة والتحريم ، محتجّا بالأصل فيهما قال : (أمّا أصالة الطهارة فظاهر ؛ وأما أصالة التحريم ، فلأن المحرم غير منحصر لكثرته على وجه لا ينضبط) (١) وفيه مالا يخفى.
وأنت خبير بأن مقتضى (٢) العمل بأخبار التثليث ـ التي تقدمت الإشارة إليها في درّة البراءة الأصلية ـ التوقف في مثل ذلك ؛ إذ شمول هذه الأخبار التي ذكرناها لمثل ذلك ممّا يكاد يقطع بعدمه ، فإنها متشاركة الدلالة ـ تصريحا في بعض وتلويحا في آخر ـ في أن موردها إنما هو موضوع الحكم الشرعي ، والأفراد المعلومة الحكم مع اشتباه بعضها ببعض. والله ورسوله وأولياؤه عليهمالسلام أعلم بحقائق الأحكام.
ومنها عدم نقض اليقين بالشكّ. والأخبار الدالة على هذه القاعدة الشريفة مستفيضة ، ومنها صحيحة زرارة عن الباقر عليهالسلام قال : قلت له : الرجل ينام وهو على وضوء أتوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء؟ فقال : «يا زرارة ، قد تنام العين ولا ينام القلب والاذن ، فإذا نامت العين والاذن والقلب وجب الوضوء». قلت : فإن حرك إلى جنبه شيء وهو لا يعلم به؟ قال : «لا ، حتى يستيقن أنه قد نام حتى تجيء من ذلك أمر بين ، وإلّا فهو على يقين من وضوئه ، ولا ينقض الوضوء أبدا بالشكّ ، ولكن ينقضه بيقين آخر» (٣).
ومثلها صحيحة اخرى له (٤) أيضا ، وصحيحة ثالثة له أيضا عن أحدهما عليهماالسلام
__________________
(١) لم نعثر عليه بنصّه ، انظر تمهيد القواعد : ٢٧٠.
(٢) من «ح».
(٣) تهذيب الأحكام ١ : ٨ / ١١ ، وسائل الشيعة ١ : ٢٤٥ ، أبواب نواقض الوضوء ، ب ١ ، ح ١.
(٤) تهذيب الأحكام ١ : ١٠٠ / ٢٦١ ، وسائل الشيعة ١ : ٤٦٩ ، أبواب الوضوء ، ب ٤٢ ، ح ١.