وثانيا : أن ظاهر الخبرين اللذين قدمناهما ، وكذا كلام الصدوقين منع رجوع الغسالة ، وهذا الخبر وإن كان مجملا بالنسبة إلى ذلك إلّا إن الظاهر ـ كما قدمنا لك ـ أن ذلك ممّا استشعره الإمام عليهالسلام من سؤال السائل كما يشعر به آخر الخبر ، ولا ينافي ذلك ظهور ما ادّعاه في حسنة الكاهلي ورواية أبي بصير ، فإن الظاهر أن هذا حكم آخر مرتب على علة اخرى غير ما تضمنته هذه الأخبار.
وثالثا : أن ظاهر الخبر ـ كما أشرنا إليه آنفا ـ إنّما هو إزالة النجاسة الوهمية من الماء ، وربما احتمل بعضهم ـ بناء على ذلك ـ أن المنضوح (١) الماء. وأيده أيضا بحسنة الكاهلي ورواية أبي بصير. ولا يخفى بعده وإن قرب احتماله في الخبرين المذكورين.
القول بأنّ موضع النضح هو البدن
هذا كله بناء على أن محل النضح هو الأرض ، وقيل بأن محل النضح هو البدن (٢). وقد اختلف أيضا في وجه الحكمة على هذا (٣) القول على أقوال (٤) : منها أن الحكمة في ذلك ، هو ترطيب البدن قبل الغسل ؛ لئلّا ينفصل عنه ماء الغسل كثيرا ، فلا يفي بغسله لقلّة الماء (٥). وفيه :
أولا : أن ذلك وإن احتمل بالنسبة إلى الخبر المذكور ، لكنه لا يجري في خبري ابن مسكان وخبر جامع البزنطي المتقدّمين ؛ لظهورهما في كون العلة إنّما هي خوف (٦) رجوع الغسالة. والظاهر ـ كما قدمنا الإشارة إليه ـ كون مورد الأخبار الثلاثة أمرا واحدا.
__________________
(١) في «ح» بعدها : هو.
(٢) انظر المعتبر ١ : ٨٨.
(٣) في «ح» : ظاهر.
(٤) انظر وجوه الحكمة في ذلك في بحار الأنوار ٧٧ : ١٣٩ ـ ١٤٠.
(٥) انظر مرآة العقول ١٣ ـ ١٨.
(٦) من «ح».