الأخبار ، فألّفوا كتبا مضبوطة مهذّبة مشتملة على الأسانيد المتّصلة بأصحاب العصمة عليهمالسلام كـ (الكافي) ، و (من لا يحضره الفقيه) ، و (التهذيب) و (الاستبصار) ، و (مدينة العلم) ، و (الخصال) ، و (الأمالي) ، و (عيون الأخبار) وغيرها) (١).
هذا ما حضرني من كلامهم ، نوّر الله تعالى مراقدهم وأعلى مقاعدهم. وأما كلام المتقدّمين كالصدوق في ديباجة كتابه (من لا يحضره الفقيه) (٢) وثقة الإسلام في ديباجة (الكافي) (٣) ، والشيخ الطوسي في جملة من مؤلفاته (٤) ، وعلم الهدى (٥) وغيرهم ممن نقلنا كلامهم في غير هذا الكتاب ، فهو ظاهر البيان ساطع البرهان في هذا الشان.
ثم العجب من هؤلاء الفضلاء الذين نقلنا كلامهم هنا أنه إذا كان الحال على ما صرحت به عبائرهم هنا من صحة هذه الأخبار عن الأئمّة عليهمالسلام ، فما الموجب لهم إلى المتابعة في هذا الاصطلاح؟ وأعجب من ذلك كلام شيخنا البهائي رحمهالله في كتاب (مشرق الشمسين) حيث ذكر ما ملخصه أن اجتناب الشيعة لمن كان منهم ، ثم أنكر إمامة بعض الأئمّة كان أشد من اجتناب المخالفين في المذهب ، وكانوا يحترزون عن مجالستهم والتكلم معهم ، فضلا عن أخذ الحديث عنهم.
فإذا نقل علماؤنا رواية رواها رجل من ثقات أصحابنا عن أحد هؤلاء وعولوا عليها وقالوا بصحّتها مع علمهم بحاله ، فقبولهم لها وقولهم بصحتها لا بدّ من ابتنائه على وجه صحيح لا يتطرق إليه القدح ، ولا إلى ذلك الرجل الثقة الراوي عمّن هذا حاله ، كأن يكون سماعه منه قبل عدوله عن الحق ، وقوله
__________________
(١) الوجيزة (ضمن رسائل الشيخ بهاء الدين) : ٦ ـ ٧.
(٢) الفقيه ١ : ٣.
(٣) الكافي ١ : ٨ ـ ٩.
(٤) تهذيب الأحكام ١ : ٣ ، العدّة في اصول الفقه ١ : ١٢٦.
(٥) رسائل الشريف المرتضى ١ : ٢٦ ، عنه في معالم الاصول ٢٧٤.