«الرؤيا على ثلاثة : بشارة من الله للمؤمن ، وتحذير من الشيطان ، وأضغاث أحلام» (١).
قال بعض مشايخنا المحدّثين (٢) : الظاهر أن لفظ «تحذير» في هذا الخبر إنما هو تصحيف تحزين ، كما هو في الخبر الأول ليوافق الآية وهي قوله تعالى (إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا) (٣).
وقال المحقق (٤) المازندراني في شرح الخبر من كتاب اصول (الكافي) : (إنما نسب الاولى إلى الله تعالى) ـ إلى أن قال ـ : (والرؤيا التي منه تعالى غير منحصرة في البشارة ؛ إذ قد تكون إنذارا منه ، لاعتنائه بعبده لئلا يأتي ما قدر عليه أو يتوب ويرجع عما فعله من المعاصي ، ويكون منه على حذر ، كما يقع ذلك في كثير من الصالحين. ونسب الثاني إلى الشيطان ؛ لأنها نشأت من تشويشاته وتدليساته تحذيرا من شيء أو ترغيبا فيه ، ليشغل بال الرائي ويدخل الضرر والهم فيه) (٥) انتهى.
أقول : والأظهر عندي أن لفظ «تحذير» في الخبر واقع في محله لا تصحيف فيه ، وأنه ليس المراد منه : ما ذكره المحقق الشارح المشار إليه حتى يتم استدركه على عبارة الخبر المذكور بقوله : (والرؤيا التي منه تعالى غير منحصرة) إلى آخره ، بل المراد بالتحذير في الخبر إنما هو هذا المعنى الذي استدركه. وحينئذ ، فلفظ المصدر إنما اضيف إلى المفعول لا الفاعل كما ظنه قدسسره.
غاية الأمر أن المعنى الذي ذكره ـ وهو الذي اشير إليه في الخبر الأول بالتحذير (٦) من الشيطان ـ غير مذكور في الخبر ، ولعله ادرج في أضغاث الأحلام كما سيأتي بيانه. ويدل على هذا الفرد الذي ذكرناه ما رواه في كتاب
__________________
(١) الكافي ٨ : ٧٦ / ٦١.
(٢) بحار الأنوار ٥٨ : ١٨١ / ٣٢ ، بالمعنى.
(٣) المجادلة : ١٠.
(٤) في «ح» بعدها : الشارح.
(٥) شرح الكافي ١١ : ٤٤٧.
(٦) من «ح» وفي «ق» : بالتحزين.