عالم الأزل بالانتخاب والاصطفاء ؛ لما علمه منهم من الصدق في القيام بواجب
حقه والوفاء. وفي هذه المرتبة أيضا درجات متفاوتة (تِلْكَ الرُّسُلُ
فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ
بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ) .
وإلى هذه
المرتبة يشير أيضا ما ورد عن أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ حيث سأله سائل :
هل رأيت ربّك يا أمير المؤمنين؟ فقال : «ويحك ، ما كنت أعبد ربا لم أره». قال كيف رأيته؟ قال : «ويحك ، لا تدركه العيون بمشاهدة الأبصار ولكن
رأته القلوب بحقائق الإيمان» .
ومثل ذلك أيضا
روى عن الباقر عليهالسلام .
وهذه الرؤية
عبارة عن الانكشاف التام والظهور ، وهذا مخصوص ـ كما ذكرنا ـ بالأنبياء وبهم عليهمالسلام ، المخلوقين من أنوار العظمة الإلهية لا يزاحمهم فيها
مزاحم من البريّة. ولهذا أن شيخنا المجلسى ـ عطّر الله مرقده ـ في كتاب (عين
الحياة) في شرح قوله صلىاللهعليهوآله لأبي ذرّ رضياللهعنه : «يا
أبا ذر ، اعبد الله كأنّك تراه ، فإن كنت لا تراه فإنه يراك» ، قال بعد أن ذكر للرؤية معنيين : أحدهما : الرؤية
البصرية ، والثاني : الرؤية بمعنى الانكشاف التام ـ ما صورته : ولمّا كان هذا
القسم من الانكشاف مخصوصا بالأنبياء والأئمَّة عليهمالسلام ، وأنه غير متصور من أبي ذر ولا من مثله قال له : اعبد
الله كأنك وصلت إلى هذه المرتبة. كما أن الرؤية في تتمة الكلام بهذا المعنى ، فإن
رؤية الله سبحانه لعبده ليس بالعين فإنه تنزّه عن الأعضاء والجوارح . انتهى.
ثم إنّه ينبغي
أن يعلم [أن] هذه الرؤية القلبية التي ذكرها الإمامان عليهماالسلام لا يجوز
__________________