وقد ثبت أنّه لا يوجد أحد أحقّ وأولى بهذا الأمر من علي بن أبي طالب عليهالسلام ؛ حيث توفّرت فيه شرائط النبوّة والتي منها العصمة ولم يدّعِ أحدٌ من الصحابة العصمة إلاّ علياً عليهالسلام. وقد صرّح أبو بكر بذلك عندما قال : أما والله ما أنا بخيركم ولقد كنت لمقامي هذا كارهاً ولوددت أنّ فيكم مَنْ يكفيني. أفتظنّون أنّي أعمل فيكم بسنّة رسول الله صلىاللهعليهوآله؟ إذاً لا أقوم بها ؛ إنّ رسول الله كان يُعصم بالوحي وكان معه ملك وإنّ لي شيطاناً يعتريني ولقد قلّدت أمراً عظيماً ما لي به طاقة ولا يد(١).
وذكر أبو إسحاق الإسفرايني في كتابه : لمّا مرض معاوية أرسل خلف ولده يزيد فقال يزيد : ومَنْ يكون الخليفة من بعدك؟ فقال له : يا يزيد أنت الخليفة. ثمّ أوصاه بعدة وصايا منها :
واُوصيك يا بُني بالحسين وأولاده وإخوته وأولاد إخوته وجميع عشيرته وجميع بني هاشم الوصية التامة ؛ لأنّ الخلافة يا بُني ليست لنا وإنّما هي له ولأبيه وجدّه من قبله ولأهل بيته من بعده. ولا تستخلف يا يزيد إلاّ مدّة يسيرة حتّى يبلغ الحسين مبالغ الرجال ويمضي إلى مكة في أحسن حال ويكون هو الخليفة أو مَنْ يشاء من أهل بيته وترجع الخلافة إلى أهلها ؛ لأنّنا يا بُني ليس لنا خلافة بل نحن عبيد له ولأبيه وجدّه. ولا تنفق يا ولدي نفقة إلاّ وللحسين
____________________
(١) تاريخ الطبري : ج ٢ ص ٤٥٠ ، ص ٤٦٠ ؛ الطبقات الكبرى : ج ٣ ص ١٨٣ ، ص ٢١٢ ؛ الكامل في التاريخ : ج ٢ ص ١٥ ، ذكر استقالة أبي بكر من البيعة ؛ الإمامة والسياسة : ج ١ ص ١٦ ؛ الرياض النضرة في مناقب العشرة : ج ١ ص ٢٥٣ ؛ شرح نهج البلاغة : ج ١ ص ١٦٩ ؛ العقد الفريد : ج ٤ ص ٦١ ؛ الأخبار الموفقيات ص ٥٧٩ ح ٣٧٩.