والحسين (عليهما السّلام) يَحملان له الماء ، وهو مَحصور ، ويَحاميان عنه وعن بيته الجمهور ، وتَحمَّلا في سبيله الجروح والحرايج ، غير إنَّ محمّد بن أبي بكر (رضي الله عنه) ، تَسوَّر هو ومَن معه مِن وراء البيت ، وكان منهم ما كان.
أمَّا معاوية الدَّهاء ، فقد شَيَّع الأمر في أهل الشام بالعكس ، مِمَّا كان بغرض بعثهم إلى حرب أمير المؤمنين ؛ فنشر بينهم أنَّ عثماناً قُتِل عَطشان ، وأنَّ عليَّاً منع الماء عنه ؛ لذلك سَبَق عليَّاً في صِفِّين إلى استملاك المَشرعة ، ومنع أهل العراق مِن ورودها.
أمَّا علي (عليه السّلام) ، فأرسل مِن أبطال العراق مَن فتحوه ، ثمَّ تركها مُباحةً للجانبين ، فأبت نفسه الكريمة أنْ يُقاتلهم بالسوء ، وقال : «كلاَّ ، لستُ أمنع عنهم ماءً أحلَّه الله لهم».
فجدَّد ابن زياد هذه البِدعة ، وأمر بمنع الماء عن الحسين (عليه السّلام) ومَن معه ، وروَّج أكذوبته ؛ فكتب إلى ابن سعد : حِلْ بين الحسين وأصحابه وبين الماء ، فلا يذوقوا مِنه قَطرة ، كما فُعِل بالتقيِّ الزكيِّ عثمان ، إلى آخره.
مع أنَّ الحسين (عليه السلام) ، هو الذي حمل الماء إلى عثمان يوم الدار ، وعانى في سبيله المَشاقَّ ، وحاشا حسين الفضيلة ، وعليَّ الفتوَّة أنْ يرتكِبا منع الماء على ذي نفس ، ولو فرض الأمر كذلك ، فهل تؤخَذ عشرات النساء ولفيفٌ مِن الصِّبيَة والأطفال والمرضى بذلك؟! فيُحرَمون مِن الماء المُباح! كلاّ ، فالإسلاميَّة بريئة ، والإنسانيَّة ناقِمة مِن هذه المَظلمة الفاحشة.
تُرِك ابن ساقي الكوثر ، مَمنوعاً مِن الماء المُباح ثلاثة أيَّام ، هو