(عليه السّلام) وأخبرته بالأمر بعد الأيمان.
ثمَّ إنَّ الغُلام غَدا عند الصباح إلى ابن الأشعث ، وأفشى له سِرَّ مسلم ومَبيته ، فأبلغ بذلك ابن زياد ، فأرسل الجموع للقبض عليه.
بَلى ، أنّ أبطالاً صادقين ، كبني هاشم ، لو تأخَّروا في ميدان السياسة والخُداع ، فلهم قصب السَّبق في ميادين العلم ، والدِّين ، والجود ، والشرف ، ومُقارعة الكتائب.
وكان نَدب بني هاشم ، يتلو القرآن دُبُر صلاته ، إذ سمع وقع حوافر الخيل ، وهَمهمة الفُرسان ، فأوحت إليه نفسه بدنوِّ الأجل ، فبرز ليث بني عقيل مِن عَرينه مُستقبلاً باب الدار والعسكر ، وعليهم محمّد بن الأشعث ، وانتهى أمر المُتقابلين إلى النِّزال ، ونزيل الكوفة راجل وهم فُرسان ، لكنَّ فَحل بني عقيل شَدَّ عليهم شَدّ الضُّرغام على الأنعام ، وهم يولّونه الأدبار ، ويستنجدون بالحاميات ، وقذائف النار تُرمى عليه مِن السطوح.
إضطرَّ ابن الأشعث إلى وعده مُسلماً بالأمان ، إذا ألقى سلاحه فقال : لا أمان لكم.
وبعد ما كرّروا عليه رأي التسليم فريضة مُحافضة للنفس ، وحِقناً للدماء ، فسلَّم إليهم نفسه وسلاحه ، ثمَّ استولوا عليه ، فعَرِف أنَّه مَخدوع ، فنَدِم ولاتَ حينَ مَندم.
ولمَّا أدخلوه على ابن زياد ، لم يُسلِّم عليه بالإمرة ، فقال له الحرسي : ألاْ تُسلِّم على الأمير؟
فقال : إنْ كان يُريد قتلي ، فما سلامي عليه؟