وضعيَّة
الإمام في مَكَّة
حَلَّ الحسين (عليه السّلام) في حرم
الله ؛ مُستجيراً به مِمَّن يريدون إرغامه على مُبايعته لرجُلِ الجَور والفُجور ، وقد
استحسن المسلمون اعتصابه واعتصامه بالتقاليد المُقدَّسة عند المسلمين ، فأخذ
المُتقدّمون إلى الحَجِّ يتهافتون عليه ، ويهتفون بالدعوة إليه ، يطوفون حوله ، هذا
يلتمس العِلْم والحديث ، وذاك يقتبس منه الحِكَم النافعة ، والكَلِم الجامعة ؛
ليهتدي بأنوارهما في ظلمات الحياة ، والرجُل بينهم مِرآة الكرامة والشهامة ، ومِثال
الحِكمة والسلامة ؛ فطارت في الأقطار أخباره وآثاره ، فتواترت الكُتب والرُّسل ، والوعود
والوفود ، سيَّما مِن كوفة العراق (عاصمة أبيه) مِن وجوه شيعته ومواليه ، إذ بلغهم
هلاك معاوية ، فارجفوا بيزيد ، وعرفوا خبر الحسين (عليه السّلام) ، وامتناعه مِن
بيعته ، وما كان مِن أمر ابن الزبير في ذلك ، وخروجهما إلى مَكَّة ، فاجتمعت
الشيعة بالكوفة ، في مَنزل سليمان بن صرد الخزاعي ، فذكروا هلاك معاوية ، فحمد
الله سليمان وأثنى عليه ، ثمَّ قال : إنَّ مُعاوية قد هلك ، وإنَّ حسيناً قد نقض
على القوم أمرهم ، وقد خرج إلى مَكَّة ،