المتبع في أي حقل لأي مدرسة من مدارس المسلمين في حركتها الفكرية والعلمية إلاّ بالرجوع المباشر إلى من احتضن تراث تلك المدرسة ، وصانه من الاختلاط بغيره ، ونقّحه ، وأشاد عليه صرح بنائه الفكري والعقائدي ؛ كذلك الحال هاهنا ممثّلاً ـ بنحو الحصر ـ بمصادر الإماميّة التي حفظت لنا تراث أهل البيت عليهمالسلام ، واستوعبته روايةً وشرحاً وتعليقاً ، وأمّا غيرهم فلا يكاد أن يجد الباحث في هذا الموضوع عندهم سوى نتفٍ هنا ، وإشارات طفيفة هناك لا تُسمن ولا تغني من جوع ، حيث لم تفرد المدارس الإسلامية الأخرى في دراساتها لأي موضوع مساحة مناسبة تليق بمقام أهل البيت عليهمالسلام ، مما أدّى ذلك ـ بطبيعته ـ إلى غياب أو تغييب دورهم العلمي المصبوغ بلون الدم على أكثر من صعيد ، وانسحب ذلك بصورة أشدّ وآكد على عموم المذهب الإمامي بما فيه من علماء وقادة إصلاح! فأشاح عنه أغلب مؤرخي ودارسي المذاهب الإسلامية ودورها في الحركة الفكرية والثقافية والعقائدية ، هذا فضلاً عمّا تثيره فرقة الوهابية المنتسبة إلى الإسلام من إشارات تجاه مدرسة أهل البيت عليهمالسلام وقادتها وروادها ، تتستّر بذلك على خطوات مسيرتها التي تعثّرت منذ نشأتها المتأخرة على يد محمد بن عبد الوهاب النجدي بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوآله بأكثر من اثني عشر قرناً ، ولا زالت تتعثّر حتّى يوم الناس هذا بتكفيرها سائر المسلمين لمسائل عديدة ، من مثل : الزيارة ، والتوسّل ، والشفاعة بالنبي صلىاللهعليهوآله ، وبآله عليهمالسلام ، وبالعباد الصالحين ، حيث جعلت كلّ هذا كفراً بواحاً ، وأباحت لأجله دماء المسلمين!
ولا زالت تلك الفرقة تتخبّط في دماء الأبرياء من السنّة والشيعة ، بل ومن أهل الكتاب أيضاً ، بشبهات واهية حتّى صارت سبباً مباشراً في