وشهيد فوق الجنازة ، قد شكت أكفانه بالسهام ، وقتيل بالعراء قد رفع فوق القناة رأسه ، ومكبل في السجن قد رضت بالحديد أعضاؤه ، ومسموم قد قطعت بجرع السم أمعاؤه ، وشملكم عباديد تفنيهم العبيد وأبناء العبيد ، فهل المحن يا سادتي إلا التي لزمتكم ، والمصائب إلا التي عمتكم ، والفجايع إلا التي خصتكم ، والقوارع إلا التي طرقتكم ، صلوات الله عليكم وعلى أرواحكم وأجسادكم ، و رحمة الله وبركاته (١).
ثم قبله وقل : بأبي وامي يا آل المصطفى ، إنا لا نملك إلا أن نطوف حول مشاهدكم ، ونعزي فيها أرواحكم ، على هذه المصائب العظيمة الحالة بفنائكم والرزايا الجليلة النازلة بساحتكم ، التى أثبتت في قلوب شيعتكم القروح ، وأورثت أكبادهم الجروح ، وزرعت في صدورهم الغصص.
فنحن نشهد الله أنا قد شاركنا أولياءكم وأنصاركم المتقدمين ، في إراقة دماء الناكثين والقاسطين والمارقين ، وقتلة أبي عبدالله سيد شباب أهل الجنة يوم كربلا ، بالنيات والقلوب ، والتأسف على فوت تلك المواقف ، التي حضروا لنصرتكم ، وعليكم منا السلام ، ورحمة الله وبركاته.
ثم اجعل القبر بينك وبين القبلة وقل ، اللهم يا ذا القدرة التي صدر عنها العالم مكونا مبروءا عليها ، مفطورا تحت ظل العظمة ، فنطقت شواهد صنعك فيه بأنك أنت الله لا إله إلا أنت ، مكونا وبارئه ، وفاطره ، ابتدعته لا من شئ ، ولا على شئ ، ولا في شئ ، ولا لوحشة دخلت عليك إذ لا غيرك ، ولا حاجة بدت لك في تكوينه ، ولا لاستعانة منك على ما تخلق بعده ، بل أنشأته ليكون دليلا عليك ، بأنك بائن من الصنع ، فلا يطيق المنصف لعقله إنكارك ، والموسوم بصحة المعرفة جحودك. أسئلك بشرف الاخلاص في توحيدك ، وحرمة التعلق بكتابك ، وأهل بيت نبيك ، أن تصلي على آدم بديع فطرتك ، وبكر حجتك ، ولسان قدرتك ، و
__________________
(١) المزار الكبير ص ٩٤ ـ ٦٦ ومصباح الزائر ص ٢٣٩ ـ ٢٤١