ومخالفة المواثيق المؤكدة ، وخيانة الامانة المعروضة على الجبال الراسية ، وأبت أن تحملها وحملها الانسان الظلوم الجهول ، ذو الشقاق والعزة بالاثام المولمة ، والانفة عن الانقياد لحميد العاقبة.
فحشر سفلة الاعراب ، وبقايا الاحزاب ، إلى دار النبوة والرسالة ، و مهبط الوحي والملائكة ، ومستقر سلطان الولاية ، ومعدن الوصية والخلافة و الامامة ، حتى نقضوا عهد المصطفى ، في أخيه علم الهدى ، والمبين طريق النجاة من طرق الردى ، وجرحوا كبد خير الورى ، في ظلم ابنته ، واضطهاد حبيبته ، واهتضام عزيزته ، بضعة لحمه وفلذة كبده ، وخذلوا بعلمها ، وصغروا قدره ، واستحلوا محارمه ، وقطعوا رحمه ، وأنكروا اخوته ، وهجروا مودته ، ونقضوا طاعته ، وجحدوا ولايته وأطعموا العبيد في خلافته.
وقادوه إلى بيعتهم ، مصلتة سيوفها ، مقذعة أسنتها ، وهو ساخط القلب هائج الغضب ، شديد الصبر ، كاظم الغيظ ، يدعونه إلى بيعتهم التي عم شومها الاسلام وزرعت في قلوب أهلها الاثام ، وعقت سلمانها ، وطردت مقدادها ، ونفت جندبها وفتقت بطن عمارها ، وحرفت القرآن ، وبدلت الاحكام ، وغيرت المقام ، و أباحت الخمس للطلقاء ، وسلطت أولاد اللعناء على الفروج ، وخلطت الحلال بالحرام ، واستخفت بالايمان والاسلام ، وهدمت الكعبة ، وأغارت على دار الهجرة يوم الحرة ، وأبرزت بنات المهاجرين والانصار للنكال والسورة (١) وألبستهن ثوب العار والفضيحة ، ورخصت لاهل الشبهة ، في قتل أهل بيت الصفوة وإبادة نسله ، واستيصال شافعته ، وسبي حرمه ، وقتل أنصاره ، وكسر منبره ، وقلب مفخره وإخفاء دينه ، وقطع ذكره.
يا موالي فلو عاينكم المصطفى وسهام الامة معرقة (٢) في أكبادكم ، ورماحهم مشرعة في نحوركم ، وسيوفها مولعة في دمائكم ، يشفى أبناء العواهر غليل الفسق من ورعكم ، وغيظ الكفر من إيمانكم ، وأنتم بين صريع في المحراب ، قد فلق السيف هامته
__________________
(١) والسوءة خ ل.
(٢) مغرقة خ ل.