تفسيره لقوله تعالى :
(إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ) ١.
|
وفي السماوات والارض لايات للمؤمنين الذين يصدقون باللّه ، ويقرون بتوحيده وصدق انبيائه ... ، وفي السماوات والارض دلالات على الحق من وجوه كثيرة ، منها انه يدل بخلقها على ان لها خالقاً ، وانه قادر لايعجزه شيء ، وانه مخالف لها ، فلايشبهها ، وعلى انه عالم بما فيها من الإتقان والانتظام ، وفي استحالة تعلق القدرة بها دلالة على ان صانعها قديم غير محدثٍ ، ويوقفها مع عظمها وثقل اجرامها بغير عمد ولاسند يدل على ان القادر عليها قادر على الاتيان بما لايتناهى ، ولايشبه احد من القادرين ، وانه خارج من حد الطبيعة ٢. |
وهذا ما اكده الامام علي بن موسى الرضا ثامن ائمة الإماميّة بقوله :
الاقرار بانه لا اله غيره ولاشبيه له ، ولا نظير له ، وانه مثبتٌ قديمٌ موجودٌ غير فقير ، وليس كمثله شي. ٣ كما وقال الطوسي عند تفسيره لقوله تعالى :
(فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) ٤.
|
وقوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) قيل في معناه ثلاثة اقوال : احدها : ليس مثل الله شيء من الموجودات ولا المعدومات. الثاني : قال الرماني : انه بلغ في نفي الشبيه اذا نفى مثله ، لانه يوجب نفي الشبه على التحقيق والتقدير ، وذلك انه لوقدر له مثلٌ لم يكن له مثل صفاته ، ولبطل ان يكون له مثل ، ولتفرده بتلك الصفات ، وبطل ان يكون مثلاً له فيجب ان يكون من له مثل هذه الصفات على الحقيقة لامثل له اصلاً ، اذ لو كان له مثلٌ لم يكن هو بصفاته ، وكان ذلك الشيء الاخرهو الذي له تلك الصفات. |
__________________
١. الجاثية ( ٤٥ ) الآية ٣.
٢. الطوسي ، التبيان ، ج ٩ ، ص ٢٤٥.
٣. الصدوق ، عيون اخبار الرضا ، ج ١ ، ص ١٣٣.
٤. الشورى ( ٤٢ ) الآية ١١.