مواقفهم من الدعوة الإسلاميّة ، ونبيها العظيم محمد عليهالسلام ، وكذلك تطرق إلى ذكر عقائدهم والانحرافات التي اتسمت بها حياتهم الفكرية والعقائدية ومنحاهم السلوكي الخاص ، وهوعبر كل تلك الملاحظات التي يوردها عليهم ، لم يعتمد نصّاً من كتبهم ، وانما احتج عليهم بايات من القرآن ، كانت تحذرهم او توبخهم ، بشيء من التقريع واللوم ، وتصفهم بمايستحقون من النعوت والصفات ، ولعل قلة اعتماد الشيخ الطوسي على ما تنص عليه كتبهم أي التوراة والإنجيل ـ ربما يكون ذلك ناجماً عن عدم توفر القناعة لدى المفسر بصحة ماجاءت به تلك الكتب خاصة وانها قد تعرضت إلى المزيد من التحريف والتزوير على ايديهم ، وصاغوها تبعا لاهوائهم ومصالحهم ، ومع ذلك نجد الشيخ الطوسي احياناً قد يستشهد ببعض النصوص من التوراة والانجيل الواضحة الصحة عنده ، وكما ذكر عند تفسيره لقوله تعالى :
(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ)١
|
ومعنى (يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ) انهم يجدون نعته وصفته ولانه مكتوبٌ في التوراة (اتانا الله من سينا واشرق من ساعير واستعلن من جبال فاران) وفيها : ساقيم لهم نبيا من اخوتهم ، مثلك واجعل كلامي في فمه ، فيقول لهم كل ما اوصيه به وفيها : واما ابن الامة فقد باركت عليه جداً جداً ، وسيلد اثني عشر عظيماً ، واؤخره لامةٍ عظيمةٍ. وفي الانجيل بشارة بالفارقليط في مواضع منها : يعطيكم فارقليط اخر يكون معكم اخرالدهر كلّه. وفيها : انه اذا جاء فنّد أهل العلم. وفيها : انه يدبركم بجميع الخلق ويخبركم بالامور المزمعة ويمدحني ويشهدلي ٢. وهكذا لم نجد الشيخ الطوسي مكثراً من استشهاداته بنصوص التوراة والانجيل ولم يعرهما اهتماماً خاصاً في تفسيره ، ولم يلتفت اليها الّا نادراً. |
__________________
١. الأعراف ( ٧ ) الآية ١٥٧.
٢. انظر التبيان ، ج ٤ ، ص ٥٦٠.