التفسير ، مما يدلل على انه كان يراعي في النقل عنه ، وقد لاينقل من اقواله الا مايرى فيه وجها حسنا.
واذا كان موقف الشيخ الطوسي من اقوال الطبقة الاولى على هذا النحو من الدقة في التحري والتمحيص والغربلة ، فان موقفه من اقوال المفسرين المتاخرين لايقل شاناً عن موقفه ممن سبقهم ، لانه كان يتهمهم بالانحياز لمذاهبهم ، وهو امر غاية في الخطورة ، اذلم يكن طلب الحقيقة هو المقصود في تفاسيرهم ، وانما كان كل واحد منهم قد نصر مذهبه وتاول على مايطابق اصله ولهذا قال الطوسي فيهم : ولايجوز لاحد ان يقلد احدا منهم ١. لذلك نجده يقف من تفاسيرهم موقف المتامل ، فياخذ منها ماياخذ بعد رؤيةٍ وتمعنٍ ويرفض منها مايستحق الرفض ، ويناقش ماينبغي مناقشته من اقوالهم وارائهم ، وكما فعل مع الطبري ٢ والبلخي ٣ والجبائي ٤ والرماني ٥.
ومن متابعة موقف الطوسي من الاعتماد على الماثور يتضح لنا ان للتفسير بالماثورلدى الشيخ الطوسي حدوداً ثابتةً ، قائمةً على تدقيق الروايات وتمحيصها وقبول الاثرالصحيح منها ، دون الشعور بضرورة السير وراء النقول والمرويات في كل الفروض ، وبهذا يكون الشيخ الطوسي قد ارسى قواعد اساسيةٍ في قبول الرواية لمن جاء بعده من المفسرين ، واسهم إلى حدٍ كبير في عملية تطوير المنهج التفسيري المعتمد اساساً على النقل والاثر.
تطرق الشيخ الطوسي في معرض حديثه عن اليهود والنصارى ، وهو يفسر الآيات القرآنية التي ذكرتهم بما هم عليه ، وقد رد عليهم كثيراً من ارائهم واقوالهم ، كما واستنكر
__________________
١. انظر التبيان ، ج ١ ، ص ٦.
٢. انظر التبيان ، ج ١ ، ص ٦١ ، ص ٢٣٣ ، ٤١٦ و ج ٢ ، ص ٣٧٥ ، ٥٢٧ وغيرها.
٣. انظر التبيان ، ج ٢ ، ص ٣٨٥. ٣٨٦ و ج ٤ ، ص ١٢٠ و ج ٦ ، ص ١٣٥ و ج ٨ ، ص ٢٦٠ ـ ٢٦١.
٤. انظر التبيان ، ج ٧ وص ٧٣ ، ج ٦ ص ١٦٧ و ج ٢ ، ص ٣٢٣.
٥. انظر التبيان ، ج ١ ، ص ٣٩٣ و ج ٢ ، ص ٢١. ٢٢ و ج ٢ ، ص ٥٣ و ج ٢ ، ص ٤٠٦ و ج ٢ ، ص ٤٩٦.