قول غير الإمام من البداهة بمكان لم يكن ليخفى على مثله ، ورواية يونس عنه ذلك أيضا يؤيد ذلك ، وعلى فرض عدم ظهور ذلك ، أو عدم حجيّته لعدم استناده إلى اللفظ ، لا بحث على ثقة الإسلام إن علم أو وثق بذلك ، فأخرج الخبر من غير تمويه وتدليس ، يأخذه من يعتمد على ذلك ، ويترك من لا يرى فيه حجّة ، وما وجد في الكتاب من أمثال ذلك (١) فهو من هذا الباب.
ويظهر من [كلام] الصدوق في الفقيه أن بناءهم كان على ذلك ، فإنه ذكر فيه رواية أبان ، عن الفضل بن عبد الملك وابن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن الرجل هل يرث من دار أمرته أو أرضها من التربة شيئا؟ أو يكون في ذلك بمنزلة المرأة فلا يرث من ذلك شيئا؟
فقال : «يرثها وترثه من كلّ شيء ترك وتركت».
قال الشيخ مصنّف هذا الكتاب : هذا إذا كان لها منه ولد ، فأمّا إذا لم يكن لها منه ولد ، فلا ترث من الأصول إلاّ قيمتها ، وتصديق ذلك ما رواه : محمّد بن أبي عمير ، عن ابن أذينة : في النساء إذا كان لهن ولد ، أعطين من الرباع (٢) ، انتهى.
انظر كيف خصّص الخبر الصحيح بقول ابن أذينة ، فلولا علمه واعتقاده بأنه كلام المعصوم عليهالسلام لما خصّص الخبر ، بل الأخبار الكثيرة به ، وتبعه على ذلك الشيخ في النهاية (٣) وجماعة ، وتمام الكلام في محلّه.
وبالجملة فقد كفانا مؤنة ردّ هذه الشبهات ، إعراض صاحبها وهو
__________________
(١) كروايته عن أبي أيوب النحوي ، والنضر بن سويد ، وإدريس بن عبد الله الأودي ، والفضيل ابن يسار ، وأبي حمزة ، وإسحاق بن عمار ، وإبراهيم بن أبي البلاد وغيرهم ممن ذكر في معجم رجال الحديث ١ : ٨٩ ، فراجع.
(٢) الفقيه ٤ : ٢٥٢ / ٨١٢ ـ ٨١٣.
(٣) النهاية للشيخ الطوسي : ٦٤٢.