الاختلاف الشديد في حقّ جماعة زكّاهم جماعة ، وضعّفهم آخرون ، وهكذا.
فالمصحّح للخبر يحتاج إلى نظر ، وتأمّل ، وتتبّع ، وتشخيص ، وتمييز ، وترجيح ، وبعضها حدسيّة.
وقد كثر الخطأ والزلل منهم في هذا المقام ، كما هو مشاهد في الكتب الرجاليّة والفقهيّة ، فالاعتماد على تصحيح الغير هنا ، اعتماد على ظنّ المجتهد الذي حظره ، وهذا المطلب يحتاج إلى شرح لا يقتضيه المقام.
الرابعة : ما في المفاتيح أيضا قال رحمهالله : إنّ الذي عليه محقّقوا أصحابنا عدم حجيّة ما ذكره الكليني إذ لم يعتمدوا على رواية مرويّة في الكافي ، ولا صحّحوها ، باعتبار أنّ الكليني أخبر بصحّة ما في الكافي ، بل شاع بين المتأخّرين تضعيف كثير من الأخبار المروية فيه سندا ، ولو كان ما ذكره الكليني مما يصحّ أن يعوّل عليه ، ويجعل أصلا في الحكم بصحّة أخبار الكافي ، لما حسن منهم ذلك ، بل كان عليهم أن ينبّهوا على أنّ ما ذكره أصل لا ينبغي العدول عنه ، هذا وقد اتّفق لجماعة من القدماء : كالمفيد ، وابن زهرة ، وابن إدريس [والشيخ] والصدوق ، الطعن في أخبار الكافي بما يقتضي أن لا يكون غيره محلّ الاعتبار (١) ، انتهى.
والجواب : أنّه لم يدع أحد حتى من ادّعى قطعيّة أخبار الكافي أنّ أخباره صحيحة ـ بالمصطلح الجديد ـ فيكون رجال أسانيدها في جميع الطبقات من عدول الإماميّة ، كيف وفيه من رجال سائر المذاهب ـ الذين لا اختلاف (٢) فيهم
__________________
انظر : نشرة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث الموسومة بـ (تراثنا) العدد ٣ / ٩٨ ـ ١٥٤.
(١) مفاتيح الأصول : ٣٣٤ ـ ٣٣٥ ، وما بين المعقوفتين منه.
(٢) أي لا اختلاف في كونهم من غير الإمامية.