وأصالة الطهوريّة بمعنى القاعدة الكلّيّة ، والبراءة الأصليّة بمعنى الحالة الراجحة ، والعمومات تقتضي إجراء حكم الطهوريّة بهذا المعنى إلى ظهور مخرج ، والله أعلم » (١).
وأمّا خامسها : فالقول بالطهارة إذا ورد الماء على المحلّ ، ولازمه النجاسة إذا انعكس الأمر ، وأمّا أنّ المحلّ هل يطهّر حينئذ أو لا يطهّر؟ فمبنيّ على مسألة كيفيّة التطهير المفروضة في اشتراط ورود الماء على المحلّ المغسول وعدمه ، ومن هنا يظهر أنّ هذا القول ينحلّ إلى قولين ، وكيف كان فهذا ممّا عدّه الشهيد في عبارته المتقدّمة من الدروس (٢) قولا برأسه ، مقابلا للأقوال الاخر في المسألة.
ولمناقش أن يناقش فيه بدعوى : أنّه ليس من أقوال تلك المسألة مقابلا للقول بالطهارة ، بل هو جمع بين القول بالطهارة هنا والقول باشتراط الورود في المسألة المشار إليها.
وبيان ذلك : أنّ الفقهاء عندهم نزاعان ، أحدهما : ما في مسألة الغسالة ، من أنّها هل هي طاهرة أو لا؟ والآخر : ما في مسألة الغسل عن الأخباث ، من أنّه هل يشترط فيه ورود الماء على المغسول أو لا؟ فإذا اتّفق أحد قال بالطهارة في الاولى واشتراط الورود في الثانية ، كان قائلا بطهارة الغسالة إذا ورد الماء على المحلّ ، ومعه فلا ينبغي عدّ ذلك قولا برأسه مقابلا للقول بالطهارة هنا.
بل ربّما يمكن أن يقال : بأنّ هذا لا يدخل في أقوال تلك المسألة أصلا ، بل هو جمع بين القول بعدم انفعال الماء القليل في صورة وروده على النجاسة مع القول باشتراط الورود في مسألة الغسل ، وهذا هو الظاهر من كلام السيّد (٣) فيما تقدّم ، وقد عرفت آنفا موافقة الحلّي (٤) له ، وتبعهما صاحب المدارك (٥) ، ويستفاد اختياره من تضاعيف كلام بعض من عاصرناه من مشايخنا العظام (٦).
واحتجّ في المدارك على الطهارة : « بالأصل السالم عمّا يصلح للمعارضة ، فإنّ الروايات
__________________
(١) الحدائق الناضرة ١ : ٤٨٧.
(٢) الدروس الشرعيّة ١ : ١٢٢.
(٣) وهو السيد المرتضى قدسسره في الناصريّات (سلسلة الينابيع الفقهيّة ١ : ١٣٦ ـ المسألة الثالثة).
(٤) السرائر ١ : ١٨١.
(٥) مدارك الأحكام ١ : ١٢١.
(٦) كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري رحمهالله ـ ١ : ٣١٥.