وعلى هذا المعنى يحمل صحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق عليهالسلام قال : سألته عن الصلاة في البيع ، والكنائس ، وبيوت المجوس ، فقال : « رشّ وصلّ » (١) والتعبير عن نفي آثار معلومة عن شيء مفروض بنظائر هذه العبارة ، كثير شائع في العرفيّات كما لا يخفى.
فما في الحدائق ـ الاستدلال بتلك الرواية أيضا بالتقريب المتقدّم ـ من : « أنّه لو تنجّس الماء الوارد بالملاقاة لكان الرشّ سببا لزيادة المحذور » (٢) ممّا لا وجه له أصلا.
والعجب منه أنّه استند إلى تلك الروايات بزعم دلالتها على الطهارة فارقا بينها وبين الطهوريّة ، فحكم بعدمها عملا بالأصل الّذي لا يخرج عنه هنا (٣) ، ثمّ توقّف في آخر كلامه ، قائلا : « وبالجملة عندي محلّ توقّف والاحتياط فيها لازم » (٤) نظرا منه إلى جملة اخرى من الروايات الدالّة على النجاسة ، كما تقدّم في مبحث نجاسة الماء القليل بالملاقاة من الأخبار الدالّة على إهراق ماء الركوة والتور ونحوهما ، ممّا وضع فيها إصبع أو يد فيهما قذر ، فإنّ إطلاق تلك الأخبار شامل لما لو كان بقصد الغسل أم لا ، بل [ولو لم يكن بقصد الغسل ، فإنّه يجب الحكم بالطهارة متى زالت العين ولم يتغيّر الماء] (٥) بمجرّد ذلك الوضع ، ونحوها في الدلالة ما ورد من إيجاب تعدّد الغسل فيما ورد فيه ، وعدم تطهير ما لا يخرج عنه الماء إلّا بالكثير ، فإنّه لا وجه لهذه الأشياء على تقدير القول بطهارة الغسالة ، وما اجيب عن ذلك من كون ذلك تعبّدا بعيد جدّا » (٦) انتهى.
وكلّ ذلك كما ترى خروج عن طريق الاجتهاد ، وعدول عن جادّة الاستنباط.
ثمّ إنّه بعد ما استظهر من الأخبار المتقدّمة الدلالة على الطهارة ، وضمّ إليها الحكم بعدم الطهوريّة ، أسند إلى الأمين الأسترآبادي الميل إلى هذا القول ، ناقلا كلامه بأنّه ـ بعد الكلام في المسألة ـ قال : « ملاحظة الروايات الواردة في أبواب متفرّقة تفيد ظاهرا لطهارة غسالة الأخباث وسلب طهوريّتها بمعنى رفع الحدث ، ولم أقف على دلالة سلب طهوريّتها بمعنى إزالة الخبث ، والأصل المستصحب بمعنى الحالة السابقة ،
__________________
(١) الوسائل ٥ : ١٣٨ ب ١٣ من أبواب مكان المصلّي ح ٢ ـ التهذيب ٢ : ٢٢٢ / ٨٧٥.
(٢ ـ ٤) الحدائق الناضرة ١ : ٤٨٦ و ٤٨٧ و ٤٨٨.
(٥) سقط ما بين المعقوفين من قلمه الشريف في نسخة الأصل ولذا أدرجناه في المتن لاستقامة العبارة.
(٦) الحدائق الناضرة ١ : ٤٨٨.