يستفاد عن طريقة الشارع هو الإزالة عن المخرج كائنا ما كان ، وإن لم يندرج تحت مفهوم الاستنجاء ، واختصاصه بالذكر في النصوص من جهة أنّه محلّ ابتلاء السائل دون غيره ، وعلى أيّ حال فالمسألة غير خالية عن الإشكال ، وللاحتياط فيها مجال.
نعم ، لا ينبغي التأمّل في إطلاق النصوص وكلام الأصحاب القاضي بعدم الفرق في الطهارة بين الغسلة الاولى والثانية فيما يعتبر فيه التعدّد ، كما نصّ عليه السيّد في المناهل (١) وغيره ، وهو المحكيّ عن الكشف (٢) أيضا ، ناسبا له إلى نصّ السرائر (٣) ، فما عن الشيخ في الخلاف (٤) من تخصّصه بالغسلة الثانية ليس على ما ينبغي ، والاعتذار له : « بأنّه لعلّه لبعد الطهارة والعفو مع اختلاطه ، أو للجمع بين هذه النصوص ومضمرة العيص » (٥) غير مسموع.
ثمّ إنّهم رضوان الله عليهم ذكروا لما صاروا إليه من طهارة ماء الاستنجاء أو العفو عنه شروطا ، بعضها محلّ وفاق عندهم والبعض الآخر محلّ خلاف.
أوّلها : عدم تغيّره بالنجاسة في أحد أوصافه الثلاثة ، نصّ عليه في الشرائع (٦) ، والرياض (٧) أيضا غير أنّه عبّر عنه بعدم العلم بتغيّره ، وربّما يحمل عليه كلام الأصحاب في هذا الشرط وغيره من الشروط الآتية ، فيعتبر العلم في جميع ذلك كما صرّح به المحقّق البهبهاني في حواشيه على المدارك ، حيث إنّه عند شرح قول المصنّف : « وشرط المصنّف وغيره الخ » ، قال : « وليس المراد بالشرطيّة معناها المعروف ، لأنّ الشكّ في الشرط يوجب الشكّ في المشروط ، فيلزم ندرة تحقّق الغسالة الطاهرة ، بل المراد أنّه إن علم التغيير أو غيره ممّا ذكر ينجّس ، ولا يجوز حمل الأخبار وكلام الأخيار على الفروض النادرة ، سيّما فيما نحن فيه ». انتهى (٨).
وكيف كان فاعتبار هذا الشرط وفاقي عندهم ظاهرا ، حيث لم نقف فيه على مخالف ، بل ربّما يتمسّك على اعتباره بالإجماع كما في المناهل (٩) ، نعم يظهر من
__________________
(١ و ٩) المناهل ـ كتاب الطهارة ـ (مخطوط) الورقة : ١٤٢.
(٢) كشف اللثام ١ : ٣٠١.
(٣) السرائر ١ : ١٨٠.
(٤) الخلاف ١ : ١٧٩ المسألة ١٣٥.
(٥) والمعتذر هو الفاضل الهندي (ره) في كشف اللثام ١ : ٣٠١.
(٦) شرائع الإسلام ١ : ١٦.
(٧) رياض المسائل ١ : ١٨٢.
(٨) حاشية البهبهاني على مدارك الأحكام ١ : ١٩٠.