يد الخادم ما حمله ورجع الخادم ، وطرق الباب وخرج الرجل ، فقال له السيد : أحببت أن أتعشى معك الليلة ، فلمّا أكلا (١) قال له المؤمن : ليس هذا زادك لأنّه مطبوخ نفيس لا يصلحه العرب ، ولا نأكله حتى تخبرني بأمره ، فأصرّ عليه السيد جواد بالأكل وأصرّ هو بالامتناع ، فذكر له القصة ، فقال : والله ما اطّلع عليه أحد من جيراننا فضلا عمّن بعد ، وإنّ هذا السيد لشيء عجيب.
قال سلّمه الله : وحدّث بهذه القضية ثقة آخر غيره ، وزاد فيه اسم الرجل وهو الشيخ محمّد نجم العاملي ، وأنّ ما في الصرّة كان ستين شوشيا (٢) ، كلّ شوشي يزيد على قرانين بقليل.
قلت : وحدّثني بها الثقة الجليل آغا علي رضا الأصفهاني عن خاصّة السيد وصاحب سرّه المولى زين العابدين السلماسي.
وأمّا الشيخ محمّد الخزعلي فقد أدركته في آخر عمره وقد جاوز المائة ، وكان من عباد الله الصالحين الذين سيماهم في وجوههم من أثر السجود ، حشره الله تعالى مع مواليه.
عن جماعة من نواميس الملّة وحفظة الدين (٣) :
أ ـ أولهم : أجلّهم وأكملهم الأستاذ الأكبر ، مروّج الدين في رأس المائة الثالثة عشرة المولى محمّد باقر الأصفهاني البهبهاني الحائري.
قال الشيخ عبد النبي القزويني في تتميم أمل الآمل ـ بعد الترجمة ـ : فقيه العصر ، فريد الدهر ، وحيد الزمان ، صدر فضلاء الزمان ، صاحب الفكر العميق والذهن الدقيق ، صرف عمره في اقتناء العلوم واكتساب المعارف الدقائق ، وتكميل النفس بالعلم بالحقائق ، فحباه الله باستعداده علوما لم يسبقه
__________________
(١) المقصود هنا ظاهرا أوّل الشروع في الأكل.
(٢) الشوشي : نقد تركي عراقي من فضّة قيمته : ٥٦ قرشا رائجا. انظر العقد المنير ١ : ١٤٨.
(٣) من هنا يبدأ بتعداد شيوخ رواية السيد بحر العلوم.