فيها أحد من المتقدّمين ولا يلحقه أحد من المتأخرين إلاّ بالأخذ منه ، ورزقه من العلوم ما لا عين رأت ولا اذن سمعت لدقّتها ورقّتها ووقوعها موقعها ، فصار اليوم إماما في العلم وركنا للدين ، وشمسا لإزالة ظلم الجهالة ، وبدرا لإزاحة دياجير البطالة ، فاستنار الطلبة بعلومه ، واستضاء الطالبون بفهومه ، واستطارت فتاويه كشعاع الشمس في الإشراق ، مدّ الله ظلاله على العالمين ، وأيّده بجود وجوده إلى يوم الدين. إلى أن قال : وبالجملة شرح فضله وأخلاقه وعبادته ليس في مقدرتنا ولا تصل إليه مكنتنا وقدرتنا (١). انتهى.
قلت : وما ذكره من العجز عن شرح فضله هو الكلام الفصل اللائق بحاله.
والميرزا محمّد الأخباري (٢) المقتول ـ مع ما هو عليه من العداوة والبغضاء لجنابة ، وذكره في رجاله بكلام تكاد ترجف منه السماوات وتهتزّ منه الأرض ـ عدّه في الفائدة الحادية عشرة من الباب الرابع عشر من كتابه المعروف بدوائر العلوم (٣) من الذين رأوا القائم الحجّة عجّل الله تعالى فرجه.
تولّد رحمهالله تعالى في سنة ست أو سبع عشرة بعد المائة والألف ، بعد وفاة سميه العلاّمة المجلسي بخمس أو ست سنين ، وتوفي سنة ثمان بعد المائتين والألف بأرض الحائر ، ودفن في الرواق الشرقي ممّا يلي قبور الشهداء.
__________________
(١) تتميم أمل الأمل : ٧٤ / ٢٧.
(٢) أبو أحمد الميرزا محمد بن عبد النبي بن عبد الصانع النيسابوري الهندي الشهير بالاخباري ، ولد سنة ١١٧٨ ه عالم مشارك في أنواع من العلوم ، له مصنّفات في الفقه والحديث وبعض العلوم الأخرى ، منها : تسلية القلوب الحزينة ، والمبين في إثبات إمامة الطاهرين ، والشهاب الثاقب ، والرجال المسمّى بصحيفة الصفاء وغيرها ، يعدّ من زعماء الفرقة الاخباريّة قتل سنة ١٢٣٢ ، له ترجمة في مصفى المقال : ٤٢٨ ، والذريعة ٨ : ٢٦٧ ، وأعيان الشيعة ٩ : ٤٢٧ ، وروضات الجنات ٧ : ١٢٧ ، ومعجم المؤلّفين ١٠ : ٢٦١.
(٣) دوائر العلوم : مخطوط ، والمطبوع منه خال من ذلك.