الأضغان ، ويستصلح الرأي الفاسد وتستثار الهمم الجوامد ، لكنه عسر المطلب ، خطر المركب ، لافتقاره إلى أمور غريزية ، واخرى كسبيّة ، وهي شديدة الامتناع ، بعيدة الاجتماع ، فالمعتذر عن التعرض له معذور ، والمعترف بالقصور عنه مشكور ، وقد كنت زمن الحداثة أتعرض لشيء منه ليس بالمرضي ، فكتبت أبياتا إلى والدي رحمهالله أثني فيها على نفسي بجهل الصبوة ، وهي :
ليهنك أني كل يوم إلى العلى |
|
أقدم رجلا لن تزل به النعل |
وغير بعيد أن تراني مقدما |
|
على الناس حتى قيل : ليس له مثل |
تطاوعني بكر المعاني وعونها |
|
وتقتادني حتّى كأنّي لها بعل |
ويشهد لي بالفضل كلّ مبرّز |
|
ولا فاضل إلاّ ولي فوقه فضل |
فكتب رحمهالله فوق هذه الأبيات ما صورته :
لئن أحسنت في شعرك لقد أسأت في حق نفسك ، أما علمت أنّ الشعر صناعة من خلع العفّة ، ولبس الحرفة ، والشاعر ملعون وإن أصاب ، ومنقوص وإن أتى بالشيء العجاب ، وكأنّي بك قد أوهمك الشيطان بفضيلة الشعر ، فجعلت تنفق ما تلفق بين جماعة لم يعرفوا لك فضيلة غيره ، فسمّوك به ، وقد كان ذلك وصمة عليك آخر الدهر. أما تسمع :
ولست أرضى أن يقال شاعر |
|
تبا لها من عدد الفضائل |
فوقف خاطري عند ذلك حتّى كأنّي لم أقرع له بابا ، ولم أرفع له حجابا ، وأكد ذلك عندي ما رويته بإسناد متصل أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم دخل المسجد وبه رجل قد أطاف به جماعة ، فقال : ما هذا؟
قالوا : علاّمة.
فقال : ما العلاّمة؟