الكامل ، العارف المحقق ، بهاء الدنيا والدين ، غياث الإسلام والمسلمين ، أدام الله أيامه في عزّ مؤبد ، وفخر ممهد ، ومجد مجدد ، ونعمة قارة العيون ، باسقة الغصون ، دارّة الحلب ، حميدة المنقلب ، محروسة الجوانب ، مصونة من الشوائب.
وتأمّلت ما برز عنه من الألفاظ التي هي أنور من الماء الزلال ، وأطيب من الغنى بعد الإقلال ، فهي يعجز الطامع ببديعها ، ويعجب السامع حنين جمعها وترصيفها ، فكأن الشاعر عناه بقوله :
ولا ذنب للأفكار أنت تركتها |
|
إذا احتشدت لم ينتفع باحتشادها |
تنوب بإيراد المعاني وألّفت |
|
خواطرك الألفاظ بعد شرادها |
فإن نحن حاولنا اختراع بديعة |
|
حصلنا على مسروقها أو معادها |
وليس بمستغرب نوره ببديع النثر والنظم ، مع ما وهبه الله سبحانه من جودة القريحة وقوّة الفهم ، نسأل الله أن يديم لفضلاء الآداب ، ورؤساء الكتّاب ، ما كنفهم من طلبه ، وشملهم من فضله ، وأباحهم من مشاربه ، وسوغهم من شرائعه ، ليتم نفاق (١) سوقهم ، وليشمّروا للاجتهاد فيه عن سوقهم ، دلّت ألفاظه الكريمة على استدعاء ما يكون تذكرة لأهل الوداد ، وعهدا يجدّد به ما أخلقته يد العباد ، فعند ذلك أحببت أن أدخل فيمن سارع في امتثال أوامره ، لأكون من جملة من شرفه بذكره ، ويخطره بخاطره.
فأقول : إنّ الشعر من أفضل مشاعر الأدب ، وأجمل مفاخر العرب ، به تستماح المكارم ، وتستعطف الطباع الغواشم ، وتشحذ الأذهان وتسل
__________________
(١) النفاق : بفتح النون والفاء ، هو ما يقابل الكساد ، يقال : نفقت السوق نفاقا ، أي : قامت وراجت تجارتها. ( المنجد ـ نفق ـ )