قبل دفنه ، فدفن بها في داره قريبا من الحضرة الرضوية.
وحكى بعض الثقات أنّه قصد قبيل وفاته زيارة القبور في جمع من الإخلاء الأكابر ، فما استقرّ بهم الجلوس حتى قال لمن معه : إنّي سمعت شيئا فهل منكم من سمعه؟
فأنكروا سؤاله واستغربوا مقاله وسألوه عمّا سمع ، فأوهم وعمّى في جوابه وأبهم.
ثم رجع إلى داره وأغلق بابه ، فلم يلبث أن إهاب داعي الردى فأجابه.
قلت : ويؤيد ما حكاه بعض الثقات ، ما ذكره التقي المجلسي في ترجمته في شرح مشيخة الفقيه ، قال ـ بعد ذكر نسبه ـ : شيخنا وأستاذنا ، ومن استفدنا منه ، بل كان الوالد المعظّم ، شيخ الطائفة ، جليل القدر ، عظيم الشأن ، كثير الحفظ ، ما رأيت بكثرة علومه ، ووفور فضله ، وعلوّ مرتبته أحدا. إلى أن قال : وكان عمره بضعا وثمانين سنة ـ امّا واحد أو اثنين ـ فإنّي سألت عن عمره فقال : ثمانون أو أنقص بواحدة. ثم توفي بعده بسنين ، وسمع قبل وفاته بستّة أشهر صوتا من قبر بابا ركن الدين رضياللهعنه ، وكنت قريبا منه فنظر إلينا وقال : سمعتم ذلك الصوت؟ فقلنا : لا. فاشتغل بالبكاء والتضرع ، والتوجه إلى الآخرة ، وبعد المبالغة العظيمة قال : إنّي أخبرت بالاستعداد للموت ، وبعد ذلك بستّة أشهر تقريبا توفّي ، وتشرّفت بالصلاة عليه مع جميع الطلبة والفضلاء وكثير من الناس يقربون من خمسين ألفا (١). انتهى.
وسمعت مذاكرة من بعض المشايخ المتبحرين أن الكلام الذي سمعه هو هذا ( شيخنا در فكر خود باش ) (٢).
__________________
(١) روضة المتقين ١٤ : ٤٣٤.
(٢) وترجمته : يا شيخنا فكر في نفسك.