ولكن العالم الحبر الجليل ، سيف الله المسلول على أهل الإلحاد والتضليل ، السيد السند المولى حامد حسين الهندي طاب ثراه ذكر في بعض مكاتيبه إليّ من بلدة لكهنو أنّه عثر على مجلّد من مجلّدات شرحه على الفروع ، وعزم على استنساخه وإرساله فلم يمهله الأجل.
وبالجملة ، كان والده المولى أحمد (١) في غاية من الفقر والفاقة ، فقال يوما لولده الفاضل المذكور : إنّي عاجز عن تحمّل مؤنتك ، ولا بدّ لك من السعي للمعاش ، فاطلب لنفسك ما تريد. فهاجر إلى أصبهان وسكن بعض مدارسه ، وكان لأهله (٢) وظائف معيّنة يعطى كل على حسب رتبته في العلم ، وحيث إن المولى كان مبتدئا في التحصيل كان سهمه منها في كل يوم غازين (٣) وهي غير وافية لضروري أكله فضلا عن سائر مصارفه ، فكان يستعين في مدّة طويلة بضوء بيت الخلاء للمطالعة ، وهو فيها واقف على قدميه إلى أن صار قابلا للتلقي من التقي المجلسي رحمهالله ، فحضر في محفل إفادته في عداد العلماء الأعلام ، إلى أن فاق عليهم ، وصار معتمدا عند أستاذه في الجرح والتعديل في المسائل ، ذا منزلة عظيمة لديه.
ولمّا حصل له رغبة في التزويج عرف ذلك منه المولى الأستاذ ، فاستأذن منه يوما أن يزوج منه امرأة فاستحيى ، ثم أذن له فدخل المولى بيته فطلب بنته آمنة الفاضلة المقدسة البالغة في العلوم حدّ الكمال ، فقال لها : عيّنت لك زوجا في غاية من الفقر ، ومنتهى من الفضل والصلاح والكمال ، وهو موقوف على
__________________
(١) والد المولى محمد صالح « منه قدسسره ».
(٢) أي : لأهل المدرسة.
(٣) هي عملة تعادل جزء من أجزاء القران القديم ، وفي بعض المدن ( خصوصا خراسان ) كل قران يعادل ٢٠ شاهي ، وكل شاهي يعادل ٢ پول ، وكل پول يعادل ٢ جندك وكل جندك بعادل ٢ غاز. انظر لغتنامه دهخدا ( غ ـ غبغب ) : ٢١ ، العقد المنير في الدراهم والدنانير : ١.