كتفه وشالها (١) بنفسه وحدها ويأتي بها إلى الإيوان الشريف. فإذا حان الزوال دخل الحجرة ليتغدى فينوب عنه ـ في هذه المدة القليلة ـ للصلاة السيد الصالح السيد علي العاملي ، ثم يخرج مشتغلا بالصلاة إلى الغروب لا يفتر عن دقيقة ، فإذا ذهب النهار طاف في أطراف الصحن وجاس خلال الحجرات لئلا يبقى ميت في الليل غير مدفون.
وفي هذه الأيام كان الناس يأتون إليه بالأموال الموصى بها إليه ما لا يحصى كثرة ، وكان يصرفها في مواردها بحيث لا يضع حبة منها في غير محلها مع ما هو عليه من المشاغل العظيمة ، وهذا يحتاج إلى قوة ربانية ، وتسديدات إلهية ، وتوفيقات سماوية وفقاهة أحمدية ، وهمّة علوية ، ولا يلقّاها إلاّ ذو حظ عظيم.
ولقد حدثني بهذه الأمور السيد الجليل المتقدّم (٢) ، والسيد الأيّد الثقة الصالح السيد مرتضى النجفي ـ وكان مرضيا عند جميع العلماء الأعلام المجاورين في المشهد الغروي ـ وكان من الحاضرين المشاهدين لها ، ومن عجيب ما حدّثنا به قال : كنت واقفا بجنب السيد المؤيد العلاّمة في تلك الأيام ، وإذا برجل عجمي شائب (٣) ـ من خيار المجاورين ـ واقف خلف الجماعة ينظر إلى السيد ويبكي كأنّه يريد حاجة لا يصل إليها ، فالتفت إليه السيد ، وقال لي : اذهب إليه واسأله عن حاجته ، فدنوت منه وسألته عن حاجته ، فقال : إن متّ في هذه الأيام أحب أن يصلّي عليّ السيد صلاة منفردة ، فذكرت للسيد فأجابه إلى ذلك.
فلما كان في الغد والسيد في الصحن الشريف على شغله المعهود فإذا
__________________
(١) أي : رفعها. شالت الناقة بذنبها أي : رفعته. انظر ( لسان العرب ـ شول ـ ١١ : ٣٧٤ )
(٢) وهو السيد محمّد مهدي القزويني المتقدم في صحيفة : ١٢٧.
(٣) أي : كبير السن. انظر ( تاج العروس ـ شيب ـ ١ : ٣٢٨ ، ولسان العرب ١ : ٥١٣ )