بشاب واقف قدامه وهو يبكي ، فسألناه عن سببه ، قال : أنا ابن من سأل بالأمس من جناب السيد ما سأل ، وقد نزل به البلاء المبرم ، وقد أرسلني إلى جنابه مستدعيا ذهابه إلى عيادته ، فأجابه : واستناب السيد المتقدم (١) للصلاة ، وعمد إلى بيت الرجل فمشينا معه ونحن جماعة ، فوافانا في الطريق رجل صالح وقد خرج من بيته يريد حاجة فلمّا رأى السيد والجماعة قاصدين إلى مكان وقف وقال لي : هل إلى ضيافة؟ قلت : لا ، بل إلى عيادة ، فقال : فنتبعكم لنفوز بتلك السعادة.
فلما دخلنا بيت الرجل وكان السيد هو المتقدم ثم واحد بعد واحد إلى أن دخل الجميع وأخذ كلّ واحد منّا مجلسه ، وللرجل شعور ومعرفة فأظهر المحبة والرسوم المتعارفة للتحية مع كل واحد ، فلما دخل ذلك الرجل الصالح وسلّم تغيّر (٢) وجهه وأشار بيده ورأسه أن يرجع ويخرج من بيته ، وأشار إلى ولده أن يخرجه ، واضطربت حاله بحيث تعجّب الجميع وتحيّروا من ذلك ، ولم يكن بينهما سابقه معرفة فضلا عن العداوة ، فخرج الرجل وبقينا عنده إلى أن مضى مقدار ساعة ، فرجع الرجل ودخل وسلّم وجلس ، ونظر إليه المريض ، وفعل به ما فعل بنا ، فزاد تعجّبنا ، فلمّا خرجنا سألنا الرجل عن سرّ هذا الأمر ، قال : كنت جنبا وضاق بي الوقت عن الاغتسال والمصاحبة معكم ، فلما صنع بي ما رأيتم علمت أنّ انفرادي من بينكم بهذا التبعيد والنفرة ليس إلاّ لخباثة الجنابة ، فأردت زيادة الاطمئنان بذلك فاغتسلت ورجعت فعلمت يقينا أنّه عرف ما كنت عليه من الحالة التي تتنفّر منها الملائكة.
وفي هذه القضية تصديق وجداني لما جاء به صاحب الرسالة من الأسرار
__________________
(١) وهو السيد الصالح السيد علي العاملي المتقدم في صحيفة : ١٣٣.
(٢) في الحجرية : تغيّرت.