إرشاد القلوب ، الذي قد أكثر من النقل عنه ، وعدّه من الكتب المعتمدة ، التي نقل منها ، وشهد بصحّتها مؤلّفوها ، وليس له أيضا ذكر فيما وصل إليه وإلينا من مؤلّفات أصحابنا ، سوى ما نقله عنه الشيخ ابن فهد في عدّة الداعي ، في بعض المواضع ، بعنوان الحسن بن أبي الحسن الديلمي (١) ، فمن أين عرفه ، وعرف وثاقته ، وعرف نسبة الكتاب إليه وشهادته بصحّته؟ فهل هذا إلاّ تهافت في المذاق ، وتناقض في المسلك! وإن كانت المسامحة فيهما لعدم اشتمالهما على فروع الأحكام ، واقتصارهما غالبا على ما يتعلّق بالأخلاق والفضائل والمواعظ ، فهلاّ كانت شهادة هؤلاء الأجلّة على صحّة المصباح ، كافية في عدّه ثالثا لهما! فإنّه أيضا مثلهما. وكذا الكلام في صحّة نسبة كتاب الاختصاص الى المفيد رحمهالله ، وقد تسامح فيه بما لا يخفى على الناقد البصير.
وأمّا خامسا : فما في الهداية أيضا ، إنّ فيه أشياء منكرة ، مخالفة للمتواترات قلت : ليته رحمهالله أشار الى بعضها ، فإنّا لم نجد فيه ما يخالف المشهور ، فضلا عن المتواتر ، نعم فيه باب في معرفة الصحابة (٢) ، وذكر فيه ما
__________________
(١) عدة الداعي : ٢٣٧ و ٢٤١ و ٢٦٩ و.
(٢) جاء في هامش النسخة الحجرية من المستدرك ص ٣٣٢ ما نصه : « الباب في معرفة الصحابة ، قال الصادق عليهالسلام : لا تدع اليقين بالشك ، والمكشوف بالخفي ، ولا تحكم على ما لم تره بما تروى عنه ، قد عظم الله عز وجلّ أمر الغيبة ، وسوء الظن بإخوانك من المؤمنين ، فكيف بالجرأة على إطلاق قول ، واعتقاد ، وزور ، وبهتان ، في أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال الله عز وجلّ : إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ وما دمت تجد الى تحسين القول والفعل في غيبتك وحضرتك سبيلا ، فلا تتخذ غيره ، قال الله تعالى : وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً واعلم إنّ الله تبارك وتعالى اختار لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم من أصحابه طائفة أكرمهم بأجل الكرامة ، وحلاهم بحلية التأييد والنصر والاستقامة ، لصحبته على المحبوب والمكروه ، وأنطق لسان نبيه محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم بفضائلهم ومناقبهم وكراماتهم ، واعتقد محبتهم ، وذكر فضلهم. وأحذر مجالسة أهل البدع ، فإنها تنبت في القلب كفرا وضلالا مبينا ، وإن اشتبه عليك فضيلة بعضهم فكلهم إلى عالم الغيب ، وقل : اللهم إني محب لمن أحببته أنت ورسولك ، ومبغض لمن أبغضت أنت ورسولك ، لم يكلفك فوق ذلك » انتهى. وفي قوله : من أصحابه طائفة. الى آخره ، تصريح بما تقوله الإمامية فتأمل. ( منه قده )