وأمّا ثانيا : فما في الأوّل من أنّه يروي فيه عن مشايخهم ـ أي الصوفيّة ـ ففيه ، بعد تسليم كون ما فيه من الرواية والحكاية ، من تتمّة كلام الصادق عليهالسلام ـ كما يظهر من الشهيد رحمهالله في مسكّن الفؤاد ـ لا لمن كان يملي عليه فيجمعه ، ويردفه بها ، أنّ تمام ما فيه من حكاية أقوالهم ، والاستشهاد بكلامهم ، لا يزيد على ستّة عشر موضعا (١) ، خمسة منها عن الربيع بن خثيم ، وحكايتان عن أويس القرني ، وهرم بن حيّان ، وهؤلاء الثلاثة من الزهّاد الثمانية الذين كانوا مع أمير المؤمنين عليهالسلام.
روى الكشيّ ، عن عليّ بن محمد بن قتيبة ، قال : سئل أبو محمد الفضل ابن شاذان عن الزهّاد الثمانية ، فقال : الربيع بن خثيم ، وهرم بن حيّان ، وأويس القرني ، وعامر بن عبد قيس ، وكانوا مع عليّ عليهالسلام ومن أصحابه ، وكانوا زهّادا أتقياء ـ إلى أن قال ـ وأويس القرني مفضّل عليهم كلهم (٢).
وثلاثة عن أبي ذر رضياللهعنه ، وحكاية عن عبد الله بن مسعود ، واخرى عن أبيّ بن كعب ، وحالهم غير خفيّ ، وحكاية عن وهب بن منبه ، واخرى عن زيد ابن ثابت ، واخرى عن سفيان بن عيينة في ذمّ القرّاء ، والفتيا لمن ليس من أهلها.
فإن كان المراد من قول المجلسي رحمهالله أنّه اشتمل على الرواية من مشايخهم ، ومن يعتمدون عليه في رواياتهم ، ما حكاه عن زيد بن ثابت ، وسفيان في المقامين.
فلعمري إنّه طعن في غير محلّ ، فإنّ الاستشهاد بكلامهما في المقامين ، كالاستشهاد بمدائح الأعداء في إثبات فضائل الخلفاء عليهمالسلام ، فإنّهما من رؤساء القرّاء ، وأرباب الفتيا.
__________________
(١) مصباح الشريعة : على التوالي ١٠٦ ، ١٧٥ ، ٤٤٥ ، ٥٠٧ ، ٤٣١ ، ٤٨٠ ، ١٨١ ، ٤٣٢ ، ٤٦٢ ، ٢٤٤ ، ٤٦٤ ، ١٨٠ ، ٤٩٧ ، ٣٧٣ ، ٣٥٤.
(٢) اختيار معرفة الرجال : ٣١٣ / ١٥٤.