المعاصر رحمهالله تعالى فإنّه بعد ما نقل في ترجمته ما في أمل الآمل ، ومقدمة البحار ، قال : ولكنّ الظاهر عندي أنّه لم يكن من الإماميّة الحقّة ، وإن كان في كتبه يظهر الميل إلى طريقة أهل البيت عليهمالسلام ، والرواية من أحاديثهم من جهة مصلحة وقته ، والتقرّب الى السلاطين من أولادهم ، وذلك لما حقّقناه مرارا في ذيل تراجم كثير ممّن كان يتوهّم في حقّهم هذا الأمر ، بمحض ما يشاهد في كلماتهم من المناقب والمثالب ، اللتين يجريهما الله تعالى على ألسنتهم الناطقة ، لطفا منه بالمستضعفين من البريّة.
وأنت تعلم أنّه لو كان لهذه النسبة واقعا ، لذكره سلفنا الصالحون وقد ماؤنا الحاذقون بأمثال هذه الشؤون ، ولم يكن يخفى ذلك إلى زمان صاحب الأمل الذي من فرط صداقته يقول بشيعيّة أبي الفرج الأصبهاني الخبيث ، كما قدّمنا ذلك في ذيل ترجمته ، ثمّ نقل كلام السروي ، وما ذكره العلامة الطباطبائي في رجاله ، وقال بعده : وقد وافق في جميع ما ذكره خاله العلامة المعظم عليه ، من نهاية حسن ظنّه به وبكلامه ، انتهى (١).
وفيه مواضع للنظر :
أمّا أولا : فلأنّ كتاب الدعائم كلّه في فقه الإماميّة ، وفروعها وأحكامها ، مستدلاّ عليها بأخبار أهل البيت عليهمالسلام ، على أحسن نظم وترتيب ، بل ليس في أيدينا من علماء تلك الأعصار ما يشبهه في الوضع والتنقيح ، مفتتحا بمسائل في الإمامة وشروطها ، وفضائل الأئمّة عليهمالسلام ووصاياهم ، وشرح عدم جواز أخذ الأحكام الدينيّة عن غيرهم ، كسائر كتب أصحابنا في هذا الباب ، وما ذكره من إظهار الميل في كتبه إنّما هو في مثل كتاب الراغب الأصبهاني وأضرابه ، ممّن يظهر من بعض كلماتهم واسلوبهم ميلهم الى التشيّع ، وأين هذا من كتاب بني أساسه على التشيّع ، وعلى ما ذكره يفتح باب عظيم
__________________
(١) روضات الجنات ٨ : ١٤٩.