سمعوا منه من إسكات رسول صلىاللهعليهوآله ، وقالوا : ء آلهتنا خير أم هو أي إن عيسى عندك خير من آلهتنا وإذا كان هو حصب جهنم فأمر آلهتنا هين. ما ضربوا هذا المثل لك إلا جدلا وغلبة في القول لا لميز الحق من الباطل.
وفيه أنه تقدم في تفسير (١) قوله : « إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ ) الأنبياء : ٩٨ ، أن هذه الرواية بما فيها من وجوه الوهن والخلل ضعيفة لا يعبأ بها حتى نقل عن الحافظ ابن حجر أن الحديث لا أصل له ولم يوجد في شيء من كتب الحديث لا مسندا ولا غير مسند. وقصة ابن الزبعري هذه وإن رويت من طرق الشيعة على وجه سليم عن المناقشة لكن لم يذكر فيها نزول قوله : « وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ » الآية هناك.
على أن ظاهر قوله : « ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً » وقوله : « أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ » لا يلائم ما فسرته تلك الملاءمة.
وقيل : إنهم لما سمعوا قوله تعالى : « إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ » آل عمران : ٥٩ ، قالوا : نحن أهدى من النصارى لأنهم يعبدون آدميا ونحن نعبد الملائكة ـ يريدون أرباب الأصنام ـ فآلهتنا خير من إلههم فالذي ضرب المثل بابن مريم هو الله سبحانه ، وقولهم : « أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ » لتفضيل آلهتهم على عيسى لا بالعكس كما في الوجه السابق.
وفيه أن قوله تعالى : « إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ » مدنية. وهذه الآيات أعني قوله : « وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ » إلخ ، آيات مكية من سورة مكية.
على أن الأساس في قولهم ـ على هذا الوجه ـ تفضيلهم أنفسهم على النصارى فلا يرتبط على هذا قوله : « إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ » إلخ ، بما تقدمه.
وقيل : إنهم لما سمعوا قوله : « إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ » ضجوا وقالوا : ما يريد محمد بهذا إلا أن نعبده كما يعبد النصارى المسيح ، وآلهتنا خير منه أي من محمد. وفيه ما في سابقه.
__________________
(١) في البحث الروائي المعقود بعد الآية.