ويضعف فالإيمان الذي هو العلم المتلبس بالالتزام يشتد ويضعف.
فمعنى الآية : الله الذي أوجد الثبات والاطمئنان الذي هو لازم مرتبة من مراتب الروح في قلوب المؤمنين ليشتد به الإيمان الذي كان لهم قبل نزول السكينة فيصير أكمل مما كان قبله.
كلام في الإيمان وازدياده
الإيمان بالشيء ليس مجرد العلم الحاصل به كما يستفاد من أمثال قوله تعالى : « إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى » سورة محمد : ٢٥ ، وقوله : « إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى » سورة محمد : ٣٢ ، وقوله : « وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ » النمل : ١٤ ، وقوله : « وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ » الجاثية : ٢٣ ، فالآيات ـ كما ترى ـ تثبت الارتداد والكفر والجحود والضلال مع العلم.
فمجرد العلم بالشيء والجزم بكونه حقا لا يكفي في حصول الإيمان واتصاف من حصل له به ، بل لا بد من الالتزام بمقتضاه وعقد القلب على مؤداه بحيث يترتب عليه آثاره العملية ولو في الجملة ، فالذي حصل له العلم بأن الله تعالى إله لا إله غيره فالتزم بمقتضاه وهو عبوديته وعبادته وحده كان مؤمنا ولو علم به ولم يلتزم فلم يأت بشيء من الأعمال المظهرة للعبودية كان عالما وليس بمؤمن.
ومن هنا يظهر بطلان ما قيل : إن الإيمان هو مجرد العلم والتصديق وذلك لما مر أن العلم ربما يجامع الكفر.
ومن هنا يظهر أيضا بطلان ما قيل : إن الإيمان هو العمل ، وذلك لأن العمل يجامع النفاق فالمنافق له عمل وربما كان ممن ظهر له الحق ظهورا علميا ولا إيمان له على أي حال.
وإذ كان الإيمان هو العلم بالشيء مع الالتزام به بحيث يترتب عليه آثاره العملية ، وكل من العلم والالتزام مما يزداد وينقص ويشتد ويضعف كان الإيمان المؤلف منهما قابلا للزيادة والنقيصة والشدة والضعف فاختلاف المراتب وتفاوت الدرجات من الضروريات التي لا يشك فيها قط.