هذه الآيات قوله : « إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ » وهو من الشواهد على كون قوله : « وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً » إشارة إلى ما في سورة مريم.
والمراد بقوله : « إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ » بكسر الصاد أي يضجون ويضحكون ذم لقريش في مقابلتهم المثل الحق بالتهكم والسخرية ، وقرئ « يَصِدُّونَ » بضم الصاد أي يعرضون وهو أنسب للجملة التالية.
وقوله : « وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ » الاستفهام للإنكار أي آلهتنا خير من ابن مريم كأنهم لما سمعوا اسمه بما يصفه القرآن به من النعمة والكرامة أعرضوا عنه بما يصفه به القرآن وأخذوه بما له من الصفة عند النصارى أنه إله ابن إله فردوا على النبي صلىاللهعليهوآله بأن آلهتنا خير منه وهذا من أسخف الجدال كأنهم يشيرون بذلك إلى أن الذي في القرآن من وصفه لا يعتنى به وما عند النصارى لا ينفع فإن آلهتهم خير منه.
وقوله : « ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً » أي ما وجهوا هذا الكلام : « أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ » إليك إلا جدلا يريدون به إبطال المثل المذكور وإن كان حقا « بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ » أي ثابتون على خصومتهم مصرون عليها.
وقوله : « إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ » رد لما يستفاد من قولهم : « أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ » أنه إله النصارى كما سيجيء.
وقال الزمخشري في الكشاف ، وكثير من المفسرين ونسب إلى ابن عباس وغيره في تفسير الآية : أن النبي صلىاللهعليهوآله لما قرأ قوله تعالى : « إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ » على قريش امتعضوا من ذلك امتعاضا شديدا ـ فقال ابن الزبعري : يا محمد ، أخاصة لنا ولآلهتنا ـ أم لجميع الأمم؟ فقال عليهالسلام : هو لكم ولآلهتكم ولجميع الأمم.
فقال : خصمتك ورب الكعبة ـ ألست تزعم أن عيسى بن مريم نبي وتثني عليه خيرا وعلى أمه؟ وقد علمت أن النصارى يعبدونهما ، وعزير يعبد والملائكة يعبدون فإن كان هؤلاء في النار ـ فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا معهم ـ ففرحوا وضحكوا وسكت النبي صلىاللهعليهوآله ـ فأنزل الله : « إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى ـ أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ » ونزلت هذه الآية.
والمعنى : ولما ضرب ابن الزبعري عيسى بن مريم مثلا وجادل رسول الله صلىاللهعليهوآله بعبادة النصارى إياه إذا قومك يعني قريشا من هذا المثل يضجون فرحا وضحكا بما