كون دعوته صلىاللهعليهوآله أحسن القول ووصاه أن يدفع بأحسن الخصال عاد إلى أصل الدعوة فاحتج على الوحدانية والمعاد في هذه الآيات الثلاث.
فقوله : « وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ » إلخ احتجاج بوحدة التدبير واتصاله على وحدة الرب المدبر ، وبوحدة الرب على وجوب عبادته وحده ، ولذلك عقبه بقوله « لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ » إلخ.
فالكلام في معنى دفع الدخل كأنه لما قيل : « وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ » إلخ فأثبت وحدته في ربوبيته قيل : فما ذا نصنع؟ فقيل « لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ » هما مخلوقان مدبران من خلقه بل خصوه بالسجدة واعبدوه وحده ، وعامة الوثنيين كانوا يعظمون الشمس والقمر وإن لم يعبدهما غير الصابئين على ما قيل ، وضمير « خَلَقَهُنَ » لليل والنهار والشمس والقمر.
وقوله : « إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ » أي إن عبادته لا تجامع عبادة غيره.
قوله تعالى : « فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ » السأمة الملال ، والمراد بـ « فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ » الملائكة والمخلصون من عباد الله وقد تقدم كلام في ذلك في تفسير قوله : « إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ » الأعراف : ـ ٢٠٦.
وقوله : « يُسَبِّحُونَ لَهُ » ولم يقل : يسبحونه للدلالة على الحصر والاختصاص أي يسبحونه خاصة ، وقوله : « بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ » أي دائما لا ينقطع فإن الملائكة ليس عندهم ليل ولا نهار.
والمعنى : فإن استكبر هؤلاء الكفار عن السجدة لله وحده فعبادته تعالى لا ترتفع من الوجود فهناك من يسبحه تسبيحا دائما لا ينقطع من غير سأمة وهم الذين عند ربك.
قوله تعالى : « وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً » إلخ الخشوع التذلل ، والاهتزاز التحرك الشديد ، والربو النشوء والنماء والعلو ، واهتزاز الأرض وربوها تحركها بنباتها وارتفاعه.