تخصه خالدا فيها.
وقوله : « جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ » مفعول مطلق لفعل مقدر ، والتقدير يجزون جزاء أو للمصدر المتقدم أعني قوله : « ذلِكَ جَزاءُ » نظير قوله : « فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً » إسراء : ـ ٦٣.
قوله تعالى : « وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ » محكي قول يقولونه وهم في النار ، يسألون الله أن يريهم متبوعيهم من الجن والإنس ليجعلوهما تحت أقدامهم إذلالا لهما وتشديدا لعذابهما كما يشعر به قولهم ذيلا : « نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ ».
قوله تعالى : « إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ » إلخ قال الراغب : الاستقامة تقال في الطريق الذي يكون على خط مستو ، وبه شبه طريق الحق نحو « اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ». قال : واستقامة الإنسان لزومه المنهج المستقيم نحو قوله : « إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا ». انتهى. وفي الصحاح : الاستقامة الاعتدال يقال : استقام له الأمر. انتهى.
فالمراد بقوله : « ثُمَّ اسْتَقامُوا » لزوم وسط الطريق من غير ميل وانحراف والثبات على القول الذي قالوه ، قال تعالى : « فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ » التوبة : ـ ٧ وقال : « وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ » الشورى : ـ ١٥ وما ورد فيها من مختلف التفاسير يرجع إلى ما ذكر.
والآية وما يتلوها بيان حسن حال المؤمنين كما كانت الآيات قبلها بيان سوء حال الكافرين.
وقوله : « تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ » إخبار عما سيستقبلهم به الملائكة من تقوية قلوبهم وتطييب نفوسهم والبشرى بالكرامة.
فالملائكة يؤمنونهم من الخوف والحزن ، والخوف إنما يكون من مكروه متوقع كالعذاب الذي يخافونه والحرمان من الجنة الذي يخشونه ، والحزن إنما يكون من