غير قاتله أو يمثل بالقاتل. قلت : فما معنى « إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً » قال : وأي نصرة أعظم من أن يدفع القاتل ـ إلى أولياء المقتول فيقتله ـ ولا تبعة يلزمه في قتله في دين ولا دنيا.
وفي تفسير العياشي ، عن أبي العباس قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجلين قتلا رجلا فقال : يخير وليه أن يقتل أيهما شاء ـ ويغرم الباقي نصف الدية ـ أعني دية المقتول فيرد على ذريته ، وكذلك إن قتل رجل امرأة إن قبلوا دية المرأة فذاك ـ وإن أبى أولياؤها إلا قتل قاتلها غرموا نصف دية الرجل وقتلوه ـ وهو قول الله : « فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ ».
أقول : وفي معنى هاتين الروايتين غيرهما ، وقد روي في الدر المنثور ، عن البيهقي في سننه عن زيد بن أسلم : أن الناس في الجاهلية كانوا إذا قتل الرجل من القوم رجلا ـ لم يرضوا حتى يقتلوا به رجلا شريفا ـ إذا كان قاتلهم غير شريف لم يقتلوا قاتلهم وقتلوا غيره ـ فوعظوا في ذلك بقول الله : « وَلا تَقْتُلُوا إلى قوله ـ فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ ».
وفي تفسير القمي ، : في قوله تعالى : « وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ » وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليهالسلام قال : القسطاس المستقيم هو الميزان الذي له لسان.
أقول : وذكر اللسان للدلالة على الاستقامة فإن الميزان ذا الكفتين كذلك.
وفي تفسير العياشي ، عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إن الله تبارك وتعالى فرض الإيمان على جوارح بني آدم ـ وقسمه عليها فليس من جوارحه جارحة ـ إلا وقد وكلت من الإيمان بغير ما وكلت به أختها ـ فمنها عيناه اللتان ينظر بهما ورجلاه اللتان يمشي بهما.
ففرض على العين أن لا تنظر إلى ما حرم الله عليه ـ وأن تغض عما نهاه الله عنه مما لا يحل ـ وهو عمله وهو من الإيمان ، قال الله تبارك وتعالى : « وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ ـ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً » فهذا ما فرض من غض البصر عما حرم الله ـ وهو عمله وهو من الإيمان.
وفرض الله على الرجلين ـ أن لا يمشي بهما إلى شيء من معاصي الله ـ والله فرض عليهما المشي فيما فرض الله فقال : « وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً ـ إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ