إلى آخر السورة نزلت فيما بين مكة والمدينة عن ابن عباس وعطاء والشعبي ، وفي إحدى الروايات عن ابن عباس : بعضها مكي وبعضها مدني فالمكي من أولها إلى قوله : ( وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ) ، والمدني قوله : ( وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً ) إلى قوله ـ : ( بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ).
أقول : وقد قدمنا أن الذي يعطيه السياق خلاف ذلك كله فراجع.
وفي تفسير العياشي ، عن هشام بن سالم عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن قول الله : ( أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ) قال : إذا أخبر الله النبي صلىاللهعليهوآله بشيء إلى وقت فهو قوله : ( أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ) حتى يأتي ذلك الوقت وقال : إن الله إذا أخبر أن شيئا كائن فكأنه قد كان.
أقول : كأنه إشارة إلى أن التعبير في الآية بلفظ الماضي لتحقق الوقوع.
وفي الدر المنثور ، أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : لما نزلت : ( أَتى أَمْرُ اللهِ ) ذعر أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى نزل ( فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ) فسكنوا.
وفيه ، أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : لما نزلت هذه الآية : ( أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ) قال رجال من المنافقين بعضهم لبعض : إن هذا يزعم أن أمر الله قد أتى ـ فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون حتى تنظروا ما هو كائن ـ فلما رأوا أنه لا ينزل شيء قالوا : ما نراه نزل ـ.
فنزلت : ( اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ ) الآية فقالوا : إن هذا يزعم مثلها أيضا فلما رأوا أنه لا ينزل شيء قالوا : ما نراه نزل شيء فنزل : ( وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ ) الآية.
أقول : والرواية تدل على أن المسلمين كان بينهم قبل الهجرة منافقون كما يشهد به بعض آخر من الروايات.
وفيه ، أخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والحاكم وصححه عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : تطلع عليكم قبل الساعة سحابة سوداء ـ من قبل المغرب مثل الترس فلا تزال ترتفع في السماء ـ حتى تملأ السماء ثم ينادي مناد : يا أيها الناس! فيقبل الناس بعضهم على بعض : هل سمعتم؟ فمنهم من يقول : نعم ومنهم من