وهو لا يجامع الشعور ثم أكده بنفي الحياة ثانيا.
وخص من وجوه جهلهم عدم شعورهم متى يبعث عبادهم من الناس فقال : ( وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ) أي ما يدري الأصنام أيان يبعث عبادهم فإن العبادة هي التي يجزى بها الإنسان يوم البعث فمن الواجب في الإله المعبود أن يعلم متى يوم البعث حتى يجزي عباده فيه عن عبادتهم ، وهؤلاء لا يدرون شيئا من ذلك.
ومن هنا يظهر أن أول ضميري الجمع ـ ( يَشْعُرُونَ ) ـ للأصنام والثاني ـ ( يُبْعَثُونَ ) ـ للمشركين ، وأما إرجاعهما كليهما إلى الأصنام فغير مرضي لأن العلم بالبعث مختص به سبحانه محجوب عن غيره ولا يختص الجهل به بالأصنام ، وأردأ منه قول بعضهم : إن ضميري الجمع معا في الآية عائدان إلى المشركين. هذا.
والآيات وإن كانت مسوقة بظاهرها لنفي ربوبية الأصنام لكن البيان بعينه بأدنى دقة جار في أرباب الأصنام كالملائكة المقربين والجن والكملين من البشر والكواكب من كل ما يعبده الوثنيون فإن صفات الخلق والإنعام والعلم لا تقوم بالأصالة والاستقلال إلا بالله سبحانه ، ولا ربوبية حقيقة إلا بالأصالة والاستقلال ، فافهم.
وفي الآيتين أعني قوله : ( وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ـ إلى قوله ـ يُبْعَثُونَ ) التفات من الخطاب إلى الغيبة ، ولعل النكتة فيه ذكر يوم البعث فيهما والمشركون لا يقولون به فحول الخطاب منهم إلى النبي صلىاللهعليهوآله للتوسل بذلك إليه من غير اعتراض.
وقوله : ( إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ ) بيان لنتيجة الحجة التي أقيمت في الآيات السابقة أي إذا كان الله سبحانه هو الواجد لما تتوقف عليه الألوهية وهي المعبودية بالحق ، وغيره تعالى ممن يدعون من دونه غير واجد لشيء مما تتوقف عليه وهو الخلق والإنعام والعلم فإلهكم الذي يحق له أن يعبد واحد ولازم معناه أنه الله عز اسمه.
( بحث روائي )
في المجمع ، أربعون آية من أولها مكية والباقي من قوله : ( وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ ) إلى آخر السورة مدنية ، عن الحسن وقتادة ، وقيل : مكية كلها غير ثلاث آيات نزلت في انصراف النبي صلىاللهعليهوآله من أحد : ( وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا )