يشك ثم ينادي الثانية : يا أيها الناس فيقول الناس : هل سمعتم؟ فيقولون : نعم ثم ينادي : أيها الناس أتى أمر الله فلا تستعجلوه.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : فوالذي نفسي بيده إن الرجلين لينشران الثوب ـ فما يطويانه وإن الرجل ليملأ حوضه فما يسقي فيه شيئا ، وإن الرجل ليحلب ناقته فما يشربه ويشغل الناس.
أقول : وقد رام بعضهم أن يستفيد من هذه الروايات الثلاث ـ وفي معناها بعض روايات أخر ـ أن المراد بالأمر هو يوم القيامة ولا دلالة فيها على ذلك.
أما الرواية الأولى فلا يدل ذعرهم أنهم فهموا منها ذلك فإن أمر الله أيا ما كان مما يهيب عباده على أنه لا حجة في فهمهم وليس الشبهة مفهومية حتى يرجع إليهم بما هم أهل اللسان.
على أن الرواية لا تخلو عن شيء فإن الله سبحانه يعد الاستعجال بالقيامة من صفات الكفار ويذمهم عليه ويبرئ المؤمنين منه قال : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها ) الشورى : ١٨ وقد مرت الإشارة إليه في البيان المتقدم هذا إذا كان الخطاب في قوله : ( فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ) للمؤمنين ، وأما إذا كان المخاطب به المشركين وهم كانوا يستعجلونه ، فمعنى النهي عن استعجالهم هو حلول الأجل وقرب الوقوع لا الإمهال والإنظار ، ولا معنى حينئذ لسكونهم لما سمعوا قوله : ( فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ).
وأما الرواية الثانية فظاهرها أنهم فهموا منها العذاب الدنيوي دون الساعة فهي تؤيد ما قدمناه في البيان لا ما ذكروه.
وأما الرواية الثالثة فأقصى ما تدل عليه أن قيام الساعة من مصاديق إتيان أمر الله ولا ريب في ذلك وهو غير كون المراد بالأمر في الآية هو الساعة.
وفي كتاب الغيبة ، للنعماني بإسناده عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله عليهالسلام : في قوله عز وجل : ( أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ) قال : هو أمرنا أمر الله عز وجل ـ فلا يستعجل به يؤيده بثلاثة أجناد : الملائكة والمؤمنون والركب ، وخروجه كخروج رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وذلك قوله : ( كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِ ).
أقول : ورواه المفيد في كتاب الغيبة ، عن عبد الرحمن عنه (ع) ، ومراده