لبعض فللنعمة الإلهية من السعة والعرض ما لمغفرته ورحمته من ذلك : فإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ، فافهم ذلك.
والآية من الموارد التي استعملت فيها المغفرة في غير الذنب والمعصية للأمر المولوي هو المعروف عند المتشرعة.
وقوله : ( وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ ) إشارة إلى الركن الثالث من أركان الربوبية وهو العلم فإن الإله لو كان غير متصف بالعلم استوت العبادة واللاعبادة بالنسبة إليه فكانت عبادته لغوا لا أثر لها.
فمن الواجب في الرب المعبود أن يكون له علم ولا كل علم ، كيفما كان بل العلم بظاهر من يعبده وباطنه فإن العبادة متقومة بالنية فهي إنما تقع عبادة حقيقة إذا أتي بها عن نية صالحة وهو مما يرجع إلى الضمير فلا يتم العلم بكون صورة العبادة واجدة لحقيقة معناها إلا بعد إحاطة المعبود بظاهر من يعبده وباطنه لكن الله سبحانه عليم بما يسره الإنسان وما يعلنه كما أنه خالق منعم ويستحق بذلك أن يعبد.
ومن هنا يظهر وجه اختيار ما في الآية من التعبير لبيان علمه فلم يعبر بمثل قوله : ( عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ ) وقوله : ( وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) بل قال : ( وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ ) فذكر العلم بالإسرار والإعلان ، وأضافه إلى الإنسان لأن الكلام في عبادة الإنسان لربه ، والواجب في العلم بالعبادة المرتبطة بعمل الجوارح والقلب جميعا أن يكون عالما بما يسره الإنسان وما يعلنه من النية القلبية والأحوال والحركات البدنية.
وقوله : ( وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ ) إشارة إلى فقدان الركن الأول من أركان الربوبية في آلهتهم الذين يدعون من دون الله ويتفرع عليه الركن الثاني وهو إيتاء النعمة ، فليس الذين يدعونهم آلهة وأربابا والله الرب.
وقوله : ( أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ) إشارة إلى فقدان الركن الثالث من أركان الربوبية في أصنامهم وهو العلم بما يسرون وما يعلنون وقد بالغ في نفي ذلك فنفى أصل الحياة المستلزم لنفي مطلق العلم فضلا عن نوعه الكامل الذي هو العلم بما يسرون وما يعلنون فقال : ( أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ ) فأثبت الموت أولا