الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٩٦) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ (٩٧) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (٩٨) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (٩٩) ).
( بيان )
في الآيات تخلص إلى غرض البيان السابق وهو أمر النبي صلىاللهعليهوآله أن يصدع بما يؤمر ويأخذ بالصفح والإعراض عن المشركين ولا يحزن عليهم ولا يضيق صدره بما يقولون فإن من القضاء الحق أن يجازي الناس بأعمالهم في الدنيا والآخرة وخاصة يوم القيامة الذي لا ريب فيه وهو اليوم الذي لا يغادر أحدا ولا يدع مثقال ذرة من الخير والشر إلا ألحقه بعامله فلا ينبغي أن يؤسف لكفر كافر فإن الله عليم به سيجازيه ، ولا يحزن عليه فإن الاشتغال بالله سبحانه أهم وأوجب.
ولقد كرر سبحانه أمره بالصفح والإعراض عن أولئك المستهزءين به ـ وهم الذين مر ذكرهم في مفتتح السورة ـ والاشتغال بتسبيحه وتحميده وعبادته ، وأخبره أنه كفاه شرهم فليشتغل بما أمره الله به ، وبذلك تختتم السورة.
قوله تعالى : ( وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ ، وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ) الباء في قوله : ( بِالْحَقِ ) للمصاحبة أي إن خلقها جميعا لا ينفك عن الحق ويلازمه فللخلق غاية سيرجع إليها قال تعالى : ( إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى ) العلق : ٨ ولو لا ذلك لكان لعبا باطلا قال تعالى : ( وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ ) الدخان : ٣٩ وقال : ( وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ) ص : ٢٧ ومن الدليل على كون المراد بالحق ما يقابل اللعب الباطل تذييل الكلام بقوله : ( وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ) وهو ظاهر.
وبذلك يظهر فساد ما ذكره بعضهم أن المراد بالحق العدل والإنصاف والباء للسببية والمعنى ما خلقنا ذلك إلا بسبب العدل والإنصاف يوم الجزاء بالأعمال.