يقدر عليه سواه ، وصفة الحمد لإنعامه بأعظم النعم لإخراج الناس من الظلمات إلى النور. قال : ووجه التقديم والتأخير على هذا ظاهر انتهى.
وهو أجنبي عن سياق آيات السورة البتة ولعله مأخوذ من قوله تعالى في وصف القرآن : ( وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) : حم السجدة : ٤٢ لكن المقام غير المقام.
وعن الإمام في تفسيره : إنما قدم ذكر العزيز على ذكر الحميد لأن الصحيح أن أول العلم بالله تعالى العلم بكونه قادرا ثم بعد ذلك العلم بكونه عالما ثم بعد ذلك العلم بكونه غنيا عن الحاجات والعزيز هو القادر ، والحميد هو العالم الغني فلما كان العلم بكونه قادرا متقدما على العلم بكونه عالما بالكل غنيا عنه لا جرم قدم ذكر العزيز على ذكر الحميد. انتهى ، وهو مجازفة عجيبة.
وقريب منه في المجازفة قول بعضهم : قدم العزيز على الحميد اعتناء بأمر الصفات السلبية كما يؤذن به قولهم : التخلية أولى من التحلية فإن العزة ـ كما تقدم ـ من الصفات السلبية بخلاف الحمد.
وربما قيل في وجه تخصيص الوصفين بالذكر أنه للترغيب في سلوك هذا الصراط لأنه صراط العزيز الحميد فيعز سالكه ويحمد سابله ، انتهى. وهو وجه الأحرى به أن يجعل من الفوائد المتفرعة دون السبب الموجب ، والوجه ما قدمناه.
وأما قوله ( اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ) فبيان للعزيز الحميد ، والمراد بما في السماوات والأرض كل ما في الكون فيشمل نفس السماوات والأرض كما يشمل ما فيهما ، فهو تعالى يملك كل شيء من كل جهة بحقيقة معنى الملك.
وفيه إشارة إلى الحجة في كونه تعالى عزيزا حميدا ، فإنه تعالى وإن كان هو الذي يحق الحق بكلماته وهو الذي ينجح كل حجة في دلالتها ، لكنه جاري عباده في كلامه على ما فطرهم عليه ، وذلك أنه تعالى لما ملك كل خلق وأمر بحقيقة معنى الملك فهو المالك لكل قهر وغلبة فلا قهر إلا منه ولا غلبة إلا له فهو تعالى عزيز وله أن