وكانت قريش قد سموا محمدا في الجاهلية : الأمين ، وكانت تودعه وتستحفظه أموالها وأمتعتها ، وكذلك من يقدم مكة من العرب في الموسم ، وجاءت النبوة والرسالة والأمر كذلك ـ فأمر عليا عليهالسلام أن يقيم صارخا بالأبطح غدوة وعشيا : من كان له قبل محمد أمانة أو دين فليأت فلنؤد إليه أمانته ـ.
قال : فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنهم لن يصلوا من الآن إليك يا علي بأمر تكرهه ـ حتى تقدم علي فأد أمانتي على أعين الناس ظاهرا ـ ثم إني مستخلفك على فاطمة ابنتي ـ ومستخلف ربي عليكما ومستحفظه فيكما ـ فأمر أن يبتاع رواحل له وللفواطم (١) ومن أزمع الهجرة معه من بني هشام ـ.
قال أبو عبيدة : فقلت لعبيد الله يعني ابن أبي رافع : أوكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يجد ما ينفقه هكذا؟ فقال : إني سألت أبي عما سألتني ـ وكان يحدث لي هذا الحديث.
فقال : وأين يذهب بك عن مال خديجة عليهالسلام ـ. قال عبيد الله بن أبي رافع : وقد قال علي بن أبي طالب عليهالسلام يذكر مبيته على الفراش ـ ومقام رسول الله صلىاللهعليهوآله في الغار ثلاثا نظما :
وقيت بنفسي خير من وطء الحصى |
|
ومن طاف بالبيت العتيق وبالحجر |
محمد لما خاف أن يمكروا به |
|
فوقاه ربي ذو الجلال من المكر |
وبت أراعيهم متى ينشرونني |
|
وقد وطنت نفسي على القتل والأسر |
وبات رسول الله في الغار آمنا |
|
هناك وفي حفظ الإله وفي ستر |
أقام ثلاثا ثم زمت قلائص |
|
قلائص يفرين الحصى أينما تفري |
وقد روي الأبيات عنه عليهالسلام بتفاوت يسير في الدر المنثور عن الحاكم عن علي بن الحسين عليهالسلام.
وفي تفسير العياشي ، عن زرارة وحمران عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهالسلام : قوله : « خَيْرُ الْماكِرِينَ » قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله قد كان لقي من قومه بلاء شديدا ـ حتى أتوه ذات يوم وهو ساجد ـ حتى طرحوا عليه رحم شاة ـ فأتته ابنته وهو ساجد لم يرفع رأسه فرفعته عنه ومسحته ـ ثم أراه الله بعد ذلك الذي يحب. أنه كان ببدر
__________________
(١) وهن على ما في ذيل الراوية : فاطمة بنت النبي عليها السلام فاطمة بنت أسد ، وفاطمة بنت الزبير.