وله أسماء الجلال التي تقهر وتدفع عنه كل شيء فحق ذكره وهو الله له الأسماء الحسنى كلها أن يكون على ما يقتضيه مجموع أسمائه الجمالية والجلالية ، وهو أن يذكر تعالى تضرعا وخيفة ، ورغبا ورهبا.
وقوله : « بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ » ظاهره أنه قيد لقوله : « وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ » فيكون الذكر القولي هو الموزع إلى الغدو والآصال ، وينطبق على بعض الفرائض اليومية.
وقوله : « وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ » تأكيد للأمر بالذكر في أول الآية ولم ينه تعالى عن أصل الغفلة ، وإنما نهى عن الدخول في زمرة الغافلين ، وهم الموصوفون بالغفلة الذين استقرت فيهم هذه الصفة.
ويتبين بذلك أن الذكر المطلوب المأمور به هو أن يكون الإنسان على ذكر من ربه حينا بعد حين ، ويبادر إليه لو عرضت له غفلة منسية ، ولا يدع الغفلة تستقر في نفسه ، وفي الآية التالية : دلالة على ذلك على ما سيجيء.
فمحصل الآية : الأمر بالاستمرار على ذكر الله في النفس تضرعا وخيفة حينا بعد حين ، وذكره بالقول دون الجهر بالغدو والآصال.
قوله تعالى : « إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ » ظاهر السياق أنه في موضع التعليل للأمر الواقع في الآية السابقة فيكون المعنى : اذكر ربك كذا وكذا فإن الذين عند ربك كذلك أي اذكر ربك كذا لتكون من الذين عند ربك ولا تخرج من زمرتهم.
ويتبين بذلك أن المراد بقوله : « الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ » ليس هم الملائكة فقط ـ على ما فسره كثير من المفسرين ـ إذ لا معنى لقولنا : اذكر ربك كذا لأن الملائكة يذكرونه كذلك بل مطلق المقربين عنده تعالى على ما يفيده لفظ : « عِنْدَ رَبِّكَ » من الحضور من غير غيبة.
ويظهر من الآية أن القرب من الله إنما هو بذكره ، فبه يرتفع الحجاب بينه وبين عبده ، وإلا فجميع الأشياء متساوية في النسبة إليه من غير اختلاف بينها بقرب أو بعد أو غير ذلك.