ونزلوها منزلة السمع والبصر والقلب التي في الأنعام ، واستعملوها فيما تستعملها فيه الأنعام وهو التمتع من لذائذ البطن والفرج فهم أكثر أو أشد ضلالا من الأنعام ، وإليهم يعود الذم.
وقوله : « أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ » نتيجة وبيان حال أخرى لهم وهو أن حقيقة الغفلة هي التي توجد عندهم فإنها بمشية الله سبحانه ، ألبسها إياهم بالطبع الذي طبع به على قلوبهم وأعينهم وآذانهم والغفلة مادة كل ضلال وباطل.
بحث روائي
في تفسير القمي : في قوله تعالى : « وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا » الآية : قال : حدثني أبي عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام : أنه أعطي بلعم بن باعوراء الاسم الأعظم ، وكان يدعو به فيستجيب (١) له فمال إلى فرعون ـ فلما مر فرعون في طلب موسى وأصحابه ـ قال فرعون لبلعم : ادع الله على موسى وأصحابه ليحبسه علينا ـ فركب حمارته ليمر في طلب موسى ـ فامتنعت عليه حمارته فأقبل يضربها ـ فأنطقها الله عز وجل فقالت ويلك على ما ذا تضربني؟ أتريد أن أجيء معك لتدعو على نبي الله وقوم مؤمنين؟ ولم يزل يضربها حتى قتلها فانسلخ الاسم من لسانه ، وهو قوله : « فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ ، وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها ـ وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ ـ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ » وهو مثل ضربه الله.
أقول : قوله عليهالسلام : « وهو مثل ضربه الله » الظاهر أنه يشير إلى نبإ بلعم ، وسيجيء الكلام في معنى الاسم الأعظم في الكلام على الأسماء الحسنى إن شاء الله.
وفي الدر المنثور ، أخرج الفرياني وعبد الرزاق وعبد بن حميد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني وابن مردويه عن عبد الله بن
__________________
(١) فيستجاب خ ظ :