آمنوا لا تسألوا النبي صلىاللهعليهوآله عن أشياء مسكوت عنها في الشريعة عفا الله عنها ولم يتعرض لبيانها تخفيفا وتسهيلا فإنها بحيث تبين لكم أن تسألوا عنها حين نزول القرآن ، وتسوؤكم إن أبدئت لكم وبينت.
وقد تبين مما مر أولا : أن قوله تعالى : « وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ » من تتمة النهي كما عرفت ، لا لرفع النهي عن السؤال حين نزول القرآن كما ربما قيل.
وثانيا : أن قوله تعالى : « عَفَا اللهُ عَنْها » جملة مستقلة مسوقة لتعليل النهي عن السؤال فتفيد فائدة الوصف من غير أن يكون وصفا بحسب التركيب الكلامي.
وثالثا : وجه تذييل الكلام بقوله : « وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ » مع كون الكلام مشتملا على النهي غير الملائم لصفتي المغفرة والحلم فالاسمان يعودان إلى مفاد العفو المذكور في قوله : « عَفَا اللهُ عَنْها » دون النهي الموضوع في الآية.
قوله تعالى : « قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ » يقال : سأله وسأل عنه بمعنى ، و « ثُمَّ » يفيد التراخي بحسب الرتبة الكلامية دونه بحسب الزمان.
والباء في قوله : « بِها » متعلقة بقوله : « كافِرِينَ » على ما هو ظاهر الآية من كونها مسوقة للنهي عن السؤال عما يتعلق بقيود الأحكام والشرائع المسكوت عنها عند التشريع ؛ فالكفر كفر بالأحكام من جهة استلزامها تحرج النفوس عنها وتضيق القلوب من قبولها ، ويمكن أن تكون الباء للسببية ولا يخلو عن بعد.
والآية وإن أبهمت القوم المذكورين ولم يعرفهم لكن في القرآن الكريم ما يمكن أن تنطبق عليه الآية من القصص كقصة المائدة من قصص النصارى وقصص أخرى من قوم موسى وغيرهم.
(بحث روائي)
في الدر المنثور ، : أخرج ابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي هريرة قال : خطبنا رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : يا أيها الناس كتب الله عليكم الحج ـ فقام عكاشة بن محصن الأسدي ـ فقال : أفي كل عام يا رسول الله؟ قال : أما إني لو قلت : نعم لوجبت ، ولو وجبت ثم تركتم لضللتم ـ اسكتوا عني ما سكت عنكم ـ فإنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم ـ